-

العزف بذرات الرمال

عرفته طالبا يتحسس طريقه في متاهات الفن بدهشة وحذر .. وحيرة أيضا ، وعرفته وهو يصارع مارد التفوق عندما كان منذ البداية يرفض الهامشية ويسعى إلى التفرد .. وعرفته كذلك عندما دفعه قدره إلى العمل بمصلحة تسجيل الأثار لتكون معايشة الرسوم الفرعونية زاده اليومي ، بل وهواءه الذي يملأ رئتيه ويتسرب تدريجيا إلى خلايا روحه وعقله .. وعرفته بعد ذلك وهو يصعد سلم النجومية لكي يصبح واحدا من أبرز فناني السبعينات وما بعدها بأسلوبه المتفرد الذي لم يتنازل عن أصالته في أي مرحلة من مراحل ابداعه المتواصل .. واليوم ةيطالعنا بحصيلة رحلة ثلاثين عاما من العمل المتجدد ، يعرضه علينا كألبوم حافل جديد والمثابرة والإيمان بأن الانتماء للجذور هو منبع الاصالة والاستمرار الحضاري ولغة التواصل ببين الأجيال .. ومراقبة الفنان عن كثب وهو ينمو ويتطور يوما بعد يوم متعة لا تعادلها متعة وخاصة بعد أن يصبح ملء السمع والبصر .. وما نشاهده اليوم من أعمال تصويرية للفنان القدير " عبد الوهاب مرسي " في مجمع الفنون يمثل صفحات مضيئة في مجلد ضخم ، وملحمة تصويرية تقوم فيها الخطوط والألوان مقام الكلمات والأبيات .. اتخذ مرسمه في قصر المسافرخانة التاريخي في حي الحسين .. وفي هذا المرسم القابع في أعماق قاهرة المعز التي يفوح منها عبق الأصالة والعراقة امضى معظم حياته مكرسا فرشاته لكي تكون لسانا صادقا لرسالة آمن بها منذ البداية ، وهي أن يكون مصريا حتى النخاع . وللأنتماء روافد عديدة تصب جميعها في المجرى الكبير ، وهناك فنانون يتخذون من المنظر الطوبوغرافي واجهة تعكس المظهر الخارجي للبيئة المصرية ، وهناك آخرون يجعلون من الطقوس الفولكلورية لغة التخاطب بين الفنان والجمهور ، وهناك من يذهبون أبعد من ذلك اذ يغوصون في سراديب المعتقدات واللكوامن النفسية ويخرجونها فوق السطح باعتبارها الجذور التي تمد الحياة بعصارتها المتميزة المذاق .. أما انتماء صاحبنا فقد حدده منذ البداية عندما كانت انامله تتابع الخطوط النقية المصفاه فوق جدران المعابد والبردياتعندما كان يعمل بمصلحة تسجيل الآثار لقد اختار الطريق الذي سلكه اجداده القدماء من قبل وقرر أن تكون الهيروغليفية لغته التي يعبر بها مدركا ان هناك ملامح خاصة فرضتها البيئة الزراعية على ابداع المصري القديم ، وتتجلة هذه الملامح في البساطة المتناهية والتسطيح الذي يعبر عن الامتداد اللا متناهي لأرض لاتغيب عنها الشمس . والفلاح رسام بطبيعته ومهندس بفطرته فهو يرسم بمحراثه قنوات متوازية على امتداد الحقل ، ثم يحيط أحواض الزرع بحدود هندسية حتى لا تختلط المساحات المزروعة وتتميع، ولا غرابة أن نرى هذا المنطق ينعكس على ابداع الفنان المصري الذي هدته فطرته إلى قيمة الخط ، وأهمية المساحة وحكمة الحدود ، ولا غرابة أيضا في أن تكون رسومه ثنائية الأبعاد ، حاسمة الحدود واضحة الخطوط ، صريحة الأطراف والحواف ، ربيعية الألوان والأطياف . لقد انطبعت هذه الخصائص في وجدان الفنان " عبد الوهاب مرسي " منذ بدأ رحلة الفن في الستينات وصار لرسومه بصمة لاتخطئها العين ، حيث بدأ هتمامه باستبعادالتعبيرات الانفعالية من الوجوه والاجسام لتحل محلها سكونية سكون الابد ، كما بدأ اهتمامه بملمس السطح واكسابه ملساوية ( اللاكر) الاسيوي ، ثم تمايلت خطوطه تمايلا زخرفيا راقصا احتفاء بالتحول الجديد ، وبرزت ملامح الحياة اليومية والبيئة الفرعونية كأنها عودة إلى اجترار التاريخ وافترشت الوحدات والرموز الهيروغليفية السطح الثنائي الأبعاد المقسم إلى مساحات هندسية كأنها كليم بدوي يكسب الخلفيات بهجة حقول القمح والفول ، وكان المناخ فرعونيا مائة في المائة . ثم بدأت مرحلة تالية تنحت فيها الشخصيات لتحل محلها تشكيلات هندسية ورموز مجردة مسايرة للنزعة التجريدية الشائدة ولكن بلغة هيروغليفية ومذاق مصري صميم ، وسيطرت البنيات الترابية والأخضر الزرعي على بالتة الفنان كأنها فترة تقشف صوفي وهي الفترة التي استخدم فيها الرمل كوسيط جديد . وفي ختام رحلته يتخطى الفنان " عبد الوهاب مرسي " شريط الوادي الأخضر ويغوص في رمال الصحراء عند الوادي الأخضر ، مدينة الأموات ، ليغترف حفنة من الرمال الجرداء يتأملها في صمت فلسفي غير جنائزي كنهاية حتمية بنضارة الألوان واعلانا عن انتصار الضوء .. وهنا تحل الحكمة محل البهجة ، وتصبح الرمال الصفراء وسيطا جديدا وبديلا للفرشاةوخلاط الألوان .. وتبدو الأسطح الرملية كلغة جديدة تذكرنا بالمنحوتات البارزة فوق جدران المعابد والمقابر ، ويلعب البروز دورا جديدا في التشكيل باعتباره أقدم وأدوم من لغة الألوان التي لا تلبث كالحياة أن تمحوها الشمس الحارقة ويطمسها وهج الزمان الحتمي .

بقلم الناقد والفنان/ حسين أمين بيكار
 
 
بانورامات…

يطلع علينا الفنان القدير عبد الوهاب مرسي هذا العام بتكويناته الرصينة التي كان يصوغها من رمال مصر ويشبعها بروح مصر ويبثها بالعبير السحري الذي يشع من مناخ هذا البلد الذي باركه الله منذ آلاف السنين ، تلك التراتيل الصوفية التي تهيم في سماء مصر منذ الأزل وتسري غي كل ما يلمسه أي فنان يتعالم مع فنه بكل الأمانة والصدق .. ولكن فاجأنا بلوحات ( بانورامية ) يتأكد فيها تحدي الذات وطول النفس وقدرة الأداء والسطيرة على أدوات التعبير وعن الرؤية وصفاء الحس ، لقد عرج هذه المرة إلى أسلوبه القديم الي كان يحقق عن طريق الطباعة الخصية والذي استطاع أن يبث من خلاله ذلك القدم التاريخي بحب حضارات مصر كلها عبر السنين يكثفها في رمزيات هيروغليفية المذاق تنتشر فوق لوحاته كأجمل جنين في سيمفونية عتيقة عتق الزمن أو ترتيلة اخناتونية في معبد آتون ، أو أنشودة فلاح يروي أرض في أعماق الصعيد بلا تزويق ولا تنميق ، لون هادئ كلون التربة السمراء وهمس وقوة مثل همهمات الأبدية ، اضافة جديدة في قاموس حافل بالعطاء المتجدد

بقلم الناقد والفنان/ حسين أمين بيكار
 
حديث الرمال الدافئة

في كل استمع فيها إلى الحوار الغنائي الشقي بين " نجيب الريحاني " و " ليلى مراد " في فيلم " غزل البنات " لا استطيع أن اتمالك نفسي وهو يقول " عيني بترف ، وراسي بتلف ، وعقلي فاضله دقيقة ويخف " .. إذ ينتابني احساس غاية في الطرافة وكأن صوته الأجش له ملمس الصنفرة الخشنة ، وأنه يمر فوق جلدي يدغدغه ، ويهرشه ، محدثا تلك الرحة الممتعة التي يشعر بها الانسان عندما يحك ظهره ليتخلص من تهيج موضعي عابر . وعندما استمع إلى ليلى مراد وهي ترد عليه بصوتها الحريري الناعم وتقول " يا لطيف يا لطيف " احس باحساس عكسي تماما وكأن أصابعي تلمس ثوبا من القطيفة السخية، وأن رأسي يستند إلى وسادة من ريش النعام !! الاصوات إذن لها ملمس وثقل وكثافة مثل المعادن تماما ، كما ان لها نفس التأثير على السمع أيضا شئ غريب حقا ، والأغرب من هذا أن صوت الريحاني كان يلاحقني وانا اتنقل من لوحة إلى لوحة في معرض الفنان عبد الوهاب مرسي الذي بعد أن قطع شوطا بعيدا مع مختلف الأصباغ والعجائن ، وقع اختياره أخيرا على ،خامة الرمل كوسيط تشكيلي يؤلف به لوحاته ويبني به تكويناته ذات النشق المتميز .. والملمس الخشن الذي كان يذكرني بصوت الريحاني .. إن هذه الخشونة التي تشع من لوحاته لها تأثير نفسي بالغ العمق ، مبعثه هذه الخامة الشديدة التسلط التي تنقل المتفرج فورا إلى حوائط معابد القدماء ومقابرهم ، وكأنها أصداء حضارة قديمة تصر على أن يظل صوتها مسموعا في القرن العشرين . وقد يدهشنا ذلك التقلب المفاجئ في المزاج الانساني من النقيض إلى النقيض ، فمن المعروف أن الفنانين في جميع العصور كانوا يبالغون في صقل لوحاتهم لكي تصبح ناعمة كالحرير ، وكانت أي خشونة نابية تتخلل السطح الأملس تعتبر عيبا تقنيا لا يغتفر .. ولكن الآية انقلبت في العصر الحديث ، واصبحت الخشونة والتضاريس والشقوق التي تتصارع فوق شطح اللوحة قيمة تصويرية وفضيلة تفوق النعومة الحريرية ، ولهذا لا يجوز اطلاق الاحكام على عواهنها ، إذ ليست العبرة بطبيعة الاشياء وانما بكيفية استعمالها وطريقة استخدامها . ان أول ما يصطدم به المتلقي في معرض عبد الوهاب مرسي هو تلك الثقة والاصالة والذاتية الصارخة في اللغة التشكيلية التي يعبر بها ، كما تكمن في مفرداته " الهيروغليفية " الذاق التي يصوغ بها لوحاته .. فقد كان لمعايشته للتراث الفرعوني لفترة طويلة أثناء اشتغاله بمصلحة الآثار أثر بالغ العمق في وجدانه ، إذ تحولت العناصر الفرعونية التي انغرست في أعماقه إلى بذور لم تلبث أن وجدت التربة الصالحة لكي تنبت وتتفرع وتخرج منها هذه الابداعات ذات العبق المصري العتيق ، التي تركت وراء ظهرها مكانها وزمانها لكي تعيش في الحاضر ، وتتكلم بلغة العصر ، وتخاطب وجدان العصر ،.. ويحاول الفنان احياء التقليد المصري القديم الذي كان يجمع بين النحت البارز والتصوير الملون في العمارة المصرية ، وذلك بخروجه عن سطح اللوحة بما يثبته فوقها من عجائن الرمل ، يشكلها تشكيلا نحتيا مستخدما مفرداته التي رافقته في رحلته الطويلة مع الفن .. ثم يلون هذا السطح تلوينا بارعا دون أن يفقده طبيعته الصحراوية بحيث يساعد التجسيم ولا يطغى عليه أو يخضع له .. ولقد كانت لفتة جميلة من الفنان عندما عرض بجانب تجربته الأخيرة مع عجائن الرمل ، أعمالا أخرى تصويرية بحتة انجزها في السبعينات وكذلك أعمالا أخرى تميز بها في الحفر .. وباستعراض هذه المراحل والوسائط المختلفة نستطيع ان نرى كيف يتحرك الخط البياني في صعود تام ومتزن دون توقف وكيف يتطور الفنان الاصيل دون أن يفقد شخصيته وكيف النمو داخليا وبطيئا وليس انقلابة طفريا يقفز فوق السطح دون ان تكون له اصول وجذور يستمد منها مقومات الحياة ..

بقلم الناقد والفنان/ حسين أمين بيكار
 
فن جديد اسمه النحتصوير

باشتعراض الخط البياني الصاعد للفنان عبد الوهاب مرسي منذ أن بدأ رحلته رساما في مركز تسجيل الآثار وتأثره العميق بالفن المصري القديم .. الذي بدأ يتسلل إلى لوحاته ببساطة ورمزياته وتسطيحه وشاعريته ، نجد هذا التأثر ينمو ويتطور مع الايام ويزداد استقلاله عن مصادره ويتحرر من النمطية التقليدية وتستقر فيه المسحة الاصلية والمذاق المصري الحريف الذي يتوائم مع العصر ، مقتربا أكثر وأكثر من التجريدية التي نفذها بنكهة هيروغليفية غير مقلدة ، مستخدما العنصر الزمن في نسيج وملمس ولون لوحاته للإيحاء بالقدم حتى تبلورتشخصيته تماما وصار أحد أعلام فن التصوير المصري المعاصر الذي يهدف إلى تحقيق الأصالة والمعاصرة والإفادة من التراث دون افتعال او تشنج. بنفس البلاغة التي يتحدث بها من خلال عاجئن الالوان عبد الوهاب مرسي يتحدث بلغة عجائن الرمل بنفس البلاغة التي يتحدث بها من خلال لغة الالوان ويضفي الفنان عبد الوهاب مرسي في تجربته الجديدة بعدا جديدا سواء في السطح أو في الملمس فذاكرته ما زالت تعي أن التصوير الجداري القديم لم يكن تصويرا صرفا ، ولا النحت البارز كان كذلك .. فقد كان التصوير الجداري عادة يصاحب النحت البارز ويذوب فيه بحيث نستطيع أن نقول أنه نحت ملون أو تصوير بارز . ومن هذا المنطلق يبدأ عبد الوهاب مرسي مرحلة جديدة تتصل بالتراث مستعينا بالعجائن الرملية الخشنة في إضفاء شئ من البروز يتناغم فوق سطح اللوحة صعودا وهبوطا ، وفق تصميم يلتزم بالنهجة ( الوهابية ) الذي عرف بها اسلوبه ، وبهذا يدخل عنصر الرمل الحقيقي كمنافس جديد للفرشاه أو ليتحالف معها فيما يمكن أن نسميه ( النحتصوير ) ليكشب أعماله المزيد من الصلابة والوجود والخشونة التي تقتحم مشاعر المشاهد

بقلم الناقد والفنان/ حسين أمين بيكار
 
عبد الوهاب مرسي .. خصوصية .. وتفرد!!
"عبد الوهاب مرسي فنان له موقع خاص وخصوصيته وقد اشتهر بالاعمال الجدارية وهوفي الواقع يقدم هذه الاعمال وغيرها بقدرة فائقة على التعامل مع السطح .. فهو مرة غائر ومرة خشن ومرة بارز ، يتعامل مع الفراغات بقدرة هائلة على تحويلها إلى جزء من العمل هو باختصار فنان دخل معركة احياء التراث من بوابة الفن التشكيلي أو بمعنى أصح من بوابة التصوير الجداري دون السقوط في الانبهار بالتراث بمعنى انه تحديثي وليس سلفيا .. ولم ينس { يوما أنه ابن القرية المصرية التي تعلم فيها الالوان الواضحة المميزة لبيئة الريف المصري واخلاقيات هذا الريف في ايامه .. فالفارق كبير ومن خلال مشواره الفني استطاع ان يقدم العديد من الاعمال التي تجسد الانسان في صراعه مع الحياة مع عدم اسقاط اصوله الثقافية فنجد الموتيفات الزخرفية ، ونجد الخطوط المعبرة ملتزمة بالخطوط المصرية القديمة دون نقله لها فتصرفه في اللون وتكوينه للشخوص والوحدات الزخرفية تعكس استلهامه للتراث وهضمه له ثم استخدام رؤيته الخاصة في تشكيل العناصر والحرفية العالية في التقنية وخصوبة خياله اعطاه مكانته الخاصة والمميزة في ساحة الفن التشكيلي المعاصر
بقلم/ نجوى العشري
 
المصرية في الفن
تؤكد أعمال عبد الوهاب مرسي حقيقة تخالف رأي بعض علماء الجمال الذين قسموا الفنون وأخضعوها للحواس ، فمنها بصرية ، ولمسية ، وسمعية ، وذوقية ، أو حركية ، ولم يدركوا أن ثمن ثمة تداخلا بين الحواس وبالتالي بين الفنون ، والفنان عبد الوهاب مرسي يتوج بأعماله الابتكارية الجديدة الحركة الفنية المصرية المعاصرة ، بعد هذه الفترة الطويلة من انتاجه التي اتسمت بالجدية الصارمة والخيال الخصيب المتجدد ، ليضعه على قائمة فنانينا الذين يشرفون مصر في الداخل والخارج . والذي يتابع رحلة الفنان منذ البداية يجد أنه قد كرس نفسه لفنه ، وأن إحساسه بمصريته يلح عليه في كل مراحل حياته ، إنه إحساس فطري ينبت من داخله ، وليسص مذهبا معتنقا أو اجتهادا مكتسبا ، إنه سلوك غريزي يعوده من داخله ليوحد ذاته وبيئته ويربط علمه الظاهر والباطن ، كذلك الماضي والحاضر . إنه باختصار فنان من صنع بيئته ، ارتوى من مائها وامتدت جذوره في طينها فاستطاع أن يأخذ منها ويعطيها من روحه ، وأن يخرج فنا مصريا أصيلا معاصرا في نفس الوقت .
بقلم/ الفنان الناقد محمد قنديل
 
الفنان عبد الوهاب مرسي هو من رموز حركة الفن التشكيلي المعاصرة
الفنان عبد الوهاب مرسي هو من رموز حركة الفن التشكيلي المعاصرة ورغم طول مشواره الفني فهو لا يتوقف عن التطوير والتجديد ، وإن كانت الثوابت عنده واحدة فهو ينظر إلى التاريخ القديم ويحول رموزه إلى أدوات حية تختلط برموز الحاضر فهو يعطي الحياة لهذا التراث الفرعوني القديم ، وإن كان برؤية معاصرة وإذا كان الثابت في اعماله هو هذا الجمع بين الماضي والحاضر فإن المتغير هو أساليب تعبيره وتقنياته وأدواته ، فهو قد بدأ مشواره بالتعبيرية الأكاديمية ثم عبر بعد ذلك من خلال الخيالية الرمزية حتىوصل إلى قدر يجمع بين التجريد وذلك الخيال . وليس هناك شك في أنه مبدع ومتجدد .
بقلم/ إيمان مهران
 
التراث المعاصرة والتقليدي والحديث
معرض الرسام المصري " عبد الوهاب مرسي " المقام في مدينة " تيتو جراد". يقيم الرسام المصري المعروف " ع. مرسي " معرضه ، في الوقت الحالي ، في صالة عرض الفنون ( جاليري) للدول الغير المنحازة ، المسماة جاليري " جوزيب بروز تيتو". وقد قام بعرض 40 عملاً من أعماله من الجرافيك والأكريليك. ومن أبرز اعماله الشيقة تلك التي ابتكرها باستخدام الرمل المخلوط بالنسيج. والسمة الرئيسية في أعماله هي انسجام الألوان ( هارمونية الألوان) والاسلوب الفني المتميز والبناء الواعي ، الملهم ، قد مكّن "مرسي " من نقل كل هذه النبضات التصويرية ( الإندفاعات ) الجياشة والتي ابدعت هذا التعبير الفني الحر الجديد في نمطه. وقد سمح له اسلوبه الفني ان يعبر ببساطة ومنطقية عن احساسه السردي الداخلي العميق ، وترجمته الى زخرفة تموج بالحياة والنبض الدائم ، يشيع فيها جو وخلفية الفضاء الفسيح والتعبير عن البيئة. كما أنه باستخدامه للمواد التعبيرية التي تصادفه في بيئته ، يومياً والتي يعيش ويتعايش معها ، استطاع بنجاح أن يوظف هذه المواد وهي الرمال في التعبير عن الرموز الإبتكارية التي يعنيها في أعماله ، وأن يطيعها ويهذبها بحيث تتوافق مع رغبته الفنية. وقد اكسبته هذه الرؤية مقدرة فنية جسورة وطابع فني مميز في توزيع الألوان وتركيبها وفي التأكيد على قيم فنية معينة في أعماله ، التي تتميز بتضاريس زاخرة بالحياة وحركة داخلية رقراقة. والى جانب الألوان ، والقيمة الفنية والتركيب الهارموني ، وتوزيع الأصداء ، فإن الأضواء المسلطة على لوحاته جعلتها تكتسب تأثير له إيقاع نفسي جميل ، إذ انه من المعروف أن تسليط هذه الأضواء يجعل اللوحة تكتسب دينامية شيقة وحركة دائبة. وتتميز أعماله من الجرافيك كل السمات والخصائص التي يمكن أن يتميز بها هذا اللون من ألوان الرسم. كذلك فإن الموضوعات التي اختارها لإعماله من الجرافيك ، مكثفة ومرتبطة بالأخيلة الشكلية التي تدور في " مخيلته " والتي تتميز بسمات خصبة. ومن الناحية الشكلية ، فإن لأعماله وقع قوي في النفس ، وبخاصة نظراً لإستخدامه التجاعيد ( باللون الذهبي بالذات ) مما جعل الأضواء المسلطة تكسب أعماله وقع جميل وصدى خفيف من خلال الإنعكاس والإشعاع النبثقات من سطح لوحاته. ويمثل هذا الفن ( هذا اللون من فن الرسم ) الصورة الكاملة للسرد التشكيلي والوضوح التعبيري ، وفد فاقت أعمال " مرسي " حدود " المحلية " لبراعته في اتخاذ الفضاء خلفية كونية لأعماله. وتحتفظ صالة فنون الدول غير المنحازة المسماة جاليري " جوزيب بروز تيتو" في حوزتها بمجموعة كبيرة من الأعمال الفنية للفنانين المصريين ، ومن هنا ، فإن معرض " ع. مرسي" يمثل اسهاماً بارزاً في الجهود المبذولة للتوصل الى تفهم اوضح للموجات والتيارات والحركات الفنية المعاصرة في هذا المجال. وسيظل ذلك عالقا بالذاكرة ، وفي ترقب لأعمال جديدة لفنانين آخرين.
بقلم/ ميلان ماروفيتش / يوغسلافيا
 
الفن بين التبعية والأستقلال

لا نستطيع أن نمنع الأفكار الغربية أن "تغزو" عقول فنانينا وتنعكس علي لوحاتهم وتماثيلهم وأبداعهم بوجه عام ولا ينبغي أن نفعل لو أستطعنا لا نرفض "البدع" من حيث هي "متغيرات أجتماعية " يتحول بعضها إلي ثوابت تقود إلي التقدم الحضاري حتي لو كان أغلبها – كما هو الحال الآن – من النوع العبثي الذي يغمر معارضنا بمساندة لا تكل ممن بيدهم الحل والربط ولديهم الأمكانات الأقتصادية للتشجيع والسلطة التنفيذية لأرسال الوفود والبعثات إلي الخارج ، ومفاتيح الشهرة المحلية المؤقتة . عبد الوهاب مرسي من الرسامين القلائل الذين رفضوا التبعية والأمشق الأورو – أمريكية الواردة عبر الأطلنطي والمتوسط ضرب بجذور أبداعه في أرض مصر فقدم أشكالاً أصلية مبتكرة تتسم بالمعاصرة من حيث الصنعة والأدوات والخامات والمضمون الأنساني العام ساعد علي ذلك البيئة الأسلامية العريقة التي تحيط بمرسمه في "قصر المسافر خانة" بحي الأزهر وعمله الوظيفي طوال ثمانية عشر عاماً في مركز تسجيل الآثار 58 – 76 يعيد صياغة الصور الفوتوغرافية للفن المصري القديم ثم يحقق خطوطها ورموزها وتشكيلاتها علي الطبيعة في أرض الواقع ، بين أعمدة المعابد وجدران المقابر هكذا نهل من ينابيع التراث وتذوق حلاوته وأستشعر عبق الزمان ووجدت روحه الهائمة مرفاً دافئاً علي شاطئ الماضي السحيق فكشف عن أسراره وأضاف من مكنون نفسه ما أعاد إليه كثيراً من البهاء والروعة والسحر الذي لا تخطئه عين المتلقي حتي أنه حين عرض لوحاته الزيتية والجرافيكية في مدينة فرانكفورت في إلمانيا سنة 1981 أطلق بعض النقاد أصطلاح مورسيزم علي أسلوبه الفني نسبة إلي أسمه ذلك لأن أبداعه نسيج متفرد بها في لوحاته ولها مقابل في تراثنا الكلاسيكي والشعبي فهي مؤشرات إلي أن الفنان لا ينشأ من فراغ ولا يمكن أن ينتمي إلا إلي أرضه وناسه . العناصر الكلاسيكية التراثية التي يضمنها عبد الوهاب مرسي لوحاته ، تضفي علي أبداعه طابعاً محلياً منتمياً لمكان وزمان أما المكان فهو مصر وأما الزمان فهو العصر . ينفرد عبد الوهاب مرسي بأسلوب متميز في كل من " الصنعة والشكل " بصرف النظر عن المضمون وأستهدف التعبير عن "الحرية" في عدد من اللوحات منها واحدة سنة 1982 ( 90 × 115 سم ) يكاد مضمونها يختفي خلف حشد الرموز وأبهار التكنيك إلوانها الرمادية الساقطة من أعلي تمتزج باللون الطوبي لتشكل خلفية مناسبة لوحدات من النحت البارز والغائر في تبادل أيقاعي منسجم لا تري بوضوح إلا في ضوء جانبي ساطع تتنوع العناصر بين الدائرة ورأس الصبي والسمكة والديك والنجوم والرموز هي ركيزة فناننا في تشكيلاته الأبداعية قبل أستخدام "الخامات الجدارية" في مطلع السبعينات يشير بها إلي علاقات الأنسان بالكون والغيبيات أستقي معانيها من أحتكاكه الوثيق بالرسوم المصرية القديمة وأشاراتها الفلسفية وتأثيرها السحرية لكنه لا يحاكي تركيبها الطبيعي بل يصورها في علاقات سيريالية غير منطقية وفق المقتضيات الأستطيقية فتري في هذه اللوحة قوساً علي اليسار يرمز لقارب الحياة من تحت خطوط متكسرة ترمز للسماء وكلاهما في وضع رأسي غير منطقي لكنه متجانس مع التكوين العام . يحاول مرسي بهذا الأسلوب أن يجد منفذاً لربط الأبداع الفني المعاصر بتراثنا الفرعوني الذي كان يعتمد علي التصوير الجداري نحتاً ورسماً في تعبيراته الفنية هكذا نقل فناننا طبيعة الجدار علي قماش اللوحة المنفصلة ومزج النحت بالرسم الملون إلا أن لوحاته بهذه الطريقة تندرج في بطاقة النحت البارز والغائر وتفقد علاقتها بالرسم الملون التصوير من حيث هو مسطح ذو بعدين بالرغم من إصرار المسئولين في حركتنا الفنية علي خلط الفنون الجميلة بالتطبيقية بتمارين التربية الفنية تحت الشعار الخادع الفضفاض : فنون تشكيلية " حتي يتمكن التطبيقيون والتربويين من توجيه حركة الفنون الجميلة . مهما يكن من أمر فأن الفنان الفرعوني كان يبدع لوحاته علي جدران مكان معين لتؤدي رسالة خاصة في معبد أو مقبرة وكانت الرموز ذات وظيفة شعائرية ومعان سحرية أما القيمة العالية في أبداع "عبد الوهاب مرسي" فتكمن فيما تتضمنه هذه الرموز والعناصر التراثية من طاقة حيوية وتوزيعات جمالية فضلاً عن الجاذبية والطرافة والقدرة علي الأمساك بمشاعر المتلقي ، الذي لا يخطئ تذوق نكهتها الشرقية وأصالتها وهويتها . وليس من قبيل الصدفة أن يتمتع عبد الوهاب مرسي بتقدير كبير في الوسط الثقافي المصري والعربي ويلفت أنظار البلدان الأوربية التي زارها بلوحاته المثيرة ذات الهوية المصرية . أتخذ مرسمه في قصر المسافر خانة في نهاية الستينات ذهب محملاً بخبراته مع الفن المصري القديم ، فربط بينه وبين الفن الأسلامي المملوكي ممثلاً في المسافر خانة نفسها " وكالة الغوري " حيث مجموعة أخري من المواسم وحي الأزهر بعامة هناك أبداً "الأستنساخ الفني " المتخذ طابع القدم وشكل الأوراق المحترقة المعاد ترميمها مع أستمرار الرموز المستلهمة من الوحدات المصرية والقبطية والإسلامية والشعبية لكنه يغير إلوان وملامس كل "نسخة"حتي تختلف عن سابقتها فيما عدا التصميم الأساسي فتصبح وسطاً بين الرسم الملون والطباعة ربما كان هذا الأسلوب المستحدث السبب المباشر في ذيوع أسم الفنان وأنتشاره لجأ إليه حتي لا يتخلي عن لوحاته الزيتية التي أشتد الأقبال علي أقتنائها خاصة وأن المسافر خانة مزار سياحي يستقبل الوفود الأجنبية من هواة الفنون فهي تتبع هيئة الآثار ويرجع الفضل في تحويلها إلي ستديوهات مع زميلتها وكالة الغوري لمؤسس حركة الفنون الجميلة الحديثة في مصر : الفنان الراحل عبد القادر زرق وبصرف النظر عن نوع الأبداع نحتاً كان أو تصويراً أو حفراً فأن عبد الوهاب مرسي يستطيع أن يجد ثمة علاقة وثيقة بين الفن والمجتمع المحلي كمظهر أنتمائي لا يخفي علي أحد . إلا أنه كما تخلي عن التعبيرية من قبل سرعان ما أستنفذ تجربته المستلهمة من طراز الرسم الفرعوني وأتجه إلي التجريد الرمزي مستخدماً الوحدات التراثية التي أسلفنا الأشارة إليها كما في لوحة مسار كوكب التي أبدعها بعد سلسلة من أعمال الجرافيك والرسم الزيتي والنحت البارز الغائر – زيت علي ورق مضغوط 90 × 115 سم - 1978 شغلته قصص رحلات الفضاء التي أحتكرت عناوين الصحف والمجلات وتصدرت نشرات الأخبار في الأذاعة والتليفزيون فأبدع مجموعة من اللوحات بعنوان فضائيات لكنه لم يكن تجريدياً عبثياً هزيلاً فارغاً من المضمون الأنساني . بل كان بليغاً فصيحاً صادق العاطفة قوي الأنفعال بسط عناصره لعبر عن تأملاته الصوفية في قدرة الخالق وعظمة الكون وسطوة الطبيعة ورؤي فكرية في صياغة فنية بمدركات ومواقف جمالية رسم الأفلاك والكواكب والألوان الفراغية الغربية كما وصفها الرواد ووظف الزخارف العربية الهندسية والنظم اللونية الموزعة بين الأزرق والأحمر بدرجاتها ليوحي بالحركة الديناميكية الهائلة حتي ليشعر المتلقي بعد قليل من التأمل أنه يسبح بدوره في الفضاء ولا يخطئه التوفيق في تحديد الهوية المصرية الشرقية للعمل الفني . ففثلاثة أساليب أبداعية مارسها عبد الوهاب مرسي في وقت واحد بخامات مختلفة هي : الرسم الزيتي الأستنساخ أو الطباعة الفنية والمسطحات النحتية الملونة التي وصل بها إلي درجات رفيعة من الأتقان والفتنة . تمكن عبد الوهاب مرسي بلوحاته المختلفة الأساليب من أن يصل بفن الرسم الملون في مصر إلي مستوي الشعر المعاصر والموسيقي مسهماً بذلك في تأسيس ما يصبح أن نسميه " الواقعية المصرية الجديدة " .. التي تجمع بين الأنتماء الشكلي والمضمون الأنساني . فموهبته المتوهجة أضفت علي أعماله طابعاً غريباً .. مثيراً وجذاباً – لا تخطئ وتميزه من المحافل الدولية هكذا أصبح متربعاً علي قمة حركتنا الفنية .

بقلم الناقد/ مختار العطار
المقابلة
اشتهر الفنان الكبير عبد الوهاب مرسي بأسلوبه الخاص في الانتاج الفني ويستطيع المتفرج او المتابع لأعماله أن يدرك شخصيته الفنية من النظرة الأولى فما السر في ذلك ؟ تخرج عبد الوهاب مرسي في كلية الفنون الجميلة عام 1957 الشهيرة ، لجأ عبد الوهاب مرسي إلى منابع مصر القديمة بحكم دراسته وتشبع بالمعايشة الدائمة بالكثير من أسرار الجمال الرائع للتصوير الفرعوني ، فأصبح أسيرا لتلك العيون والحركات والأبدان الفرعونية وذلك في مراحله الأولى والتي امتدت لفترة طويلة. أما بعد ذلك فقد حول اللوحة إلى مجال للإيقاعات الفرعونية مستغلا أجزاء قليلة ومركزا على العلاقات التجريدية بين موتيفات فرعونية ، واستخدم اسلوب الكولاج أي التجميع أحيانا وراسما على قطع الورق المقطع المصبوغأو المحروق الاطراف أحيانا أخرى ولقد انجز عددا كبيرا من اللوحات مستخدما الرمال واحضر الكثير من الالوان ذات الملامس المختلفة مستغلا تكنولوجيا العصر في التلوين ومستغلا الصبغات المحلية أحيانا اخرى لإضفاء شعبية على تناوله الفني . المقابلة كما هو واضح من اسمها هي غحدى اللوحات الجميلة التي حول فيها التقابل بين شكلين إلى تقابل تشكيلي تم فيه تجميع اشكال انسانية ذات خطوط هندسية في ثلثي اللوحة الايسر بالإضافة إلى شكل لمنزل نوبي . استعان الفنان بالاشكال الهندسية مثل المثلث والمربع والدائرة والهلال أو النجوم الفرعونية . الجانب الأيسر بأن عالج نوعيات من المساحات ذات الملمس الخشن غير أن هذه المعالجة كانت غير كافية وهذا ما يؤخذ على هذا العمل ، والعجيب ورغم ذلك فهو عمل جميل وهذا طرح تساؤلا .. هل عدم وجود المقاييس الفنية يحتسب لصالح العمل الفني أم ضده؟ .. وهل الاحساس بالجمال يرتبط بالتحرر من قيوم التعاليم ، وأستطيع القول بأن أعمال عبد الوهاب مرسي في تجاوزاتها في التكوين لا تخلو من اضفاء الاحساس بالجمال وذلك بسبب قدرة الفنان على جذب انتباه المتلقي وتحويل العين إل السير في الدروب التي حددها الفنان وابعادها عن مواطن الضعف ، وهذا هو أحد أسرار ابداعات عبد الوهاب مرسي .
بقلم/ مكرم حنين
 
" عبد الوهاب مرسي " استلهام التراث الفرعوني والاسلامي وتقديمه في صياغة حديثة
محظوظ ذلك الفنان الذي يعيش فترات تحول اجتماعي تزيح القديم الراكد والمستعمر الظالم ، وتبشر بعصر جديد ينال فيه المجتمع نصيبا اوفر من الحرية والاستقلال ، مع نزعة واضحة نحو تأكيد مبادئ العدل . وفناننا التشكيلي عبد الوهاب مرسي من هؤلاء المحظوظين الذين عاصروا فترة من أخصب فترات التحول الاجتماعي الذي شهدته مصر . فقد بدأ حياته الفنية عام 1956 في عز الصراع الذي خاضته مصر عبد الناصر من اجل تأكيد الاستقلال واستعادة املاك الشعب ، فتعال من جسامة هذه الاحداث التاريخية وانحاز إلى الأفكار المتقدمة ، وراح يرسم باسلوب تعبيري مشحون بالدلالات بشاعة العدوان الذي تعرض له الشعب المصري من قبل ثلاث دول هي انكلترا وفرنسا واسرائيل. في عام 1957 تخرج عبد الوهاب من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة قسم التصوير ، وطوال فترة الخمسينات والستينات ظلت لوحاته تلاحق بأسلوب فني متميز التطوير الاجتماعي والمد القومي الذي ساد المنطقة في هذا الزمن المنصرم. ومع مجيئ السادات للحكم دارت الايام دورة معاكسة ، واختلت المعايير وتبدلت الثوابت ، وسادت أفكار تغريبية في الفن كما في المجتمع، أفكار تدعو للاطاحة بكل ما هو مصري وعربي وتطالب بالسباحة في بحر الغرب المضطرب الأمواج . عند ذلك الحد توقف عبد الوهاب مرسي ، وبدأ يبحث عن جذوره كفنان مصري وأعمال عيد الوهاب مرسى معظمها منفذة بألوان الزيت. أول ما يلفت الانتباه في أعمالة هو هذه القدرة على استلهام التراث الفرعوني والاسلامي وتقديمه في صياغة عصرية جذابة ومدهشة ، وقد فسر لي الفنان الكبير السبب بقوله : " لقد عملت في مركز تسجيل الآثار الفرعونية 18 عاما متصلة ، فثبت لي كم نحن جاهلون بتراثنا العريق ". ففي لوحة " حكاية مصرية قديمة " يشدنا هذا المشهد المسرحي الذي احتضن بطلات اللوحة ، وقد اتخذن الشكل الشائع لرسم المرأة في الرسوم الفرعونية ، حيث الوجه بروفيل ، بينما الجسد في المواجهة ، ولكن علينا أن نأكد أن الفنان لم يحاك هذه الرسوم الفرعونية تماما ، بل استعرض منها الشكل العام ، فالنساء عنده محرومات من وجود الأذرع مثلا ، كذلك اختفت تفصيل كثيرة مثل القدمين التي استقرت في مساحة قاتمة . وزع الفنان بطلات لوحاته بأسلوب مكن البنايات المعمارية من التواجد القوي في العمل ، تلك البنايات التي تذكرنا بمفاخر من العمارة الاسلامية من حيث جلال الواجهات التي ازدانت بالعديد من الموتيفات والعناصر الهندسية مثل المربع والمعين . في هذا العمل تحرر الفنان من ركود القوانين الكلاسيكية في فن التصوير ، مثل المنظور " الفورم " تحديد مصدر ثابت للضوء ، فقد جاء المشهد المرسوم مسطحا كما نشاهد ابداعات القدماء على جدران المعابد ، واستبدل بالمنظور أو البعد الثالث ، تعدد المشتويات ، فهناك بعض النساء وقفن في نفس المستوى الذي استقرت فيه البنايات المعمارية ، والبعض الآخر استكان في المستوى الأرضي على حافة اللوحة من أسفل ، إن هذا التباين في المستويات هو الذي يحقق المنظور وفقا للتراث العربي الاسلامي في الفنون الجميلة ، كما رأيناها في ابداعات الأولين. ثنائية السطح واللون مع ظهور المدرسة التأثيرية في النصف الأخير من القرن الماضي في أوروبا ، أصبح الفنان في حل من اتباع السلف الصالح من الفنانين عند معالجة سطح اللوحة ، حيث دأب الفنانون طوال القرون الفئتة على منح اللوحة سطحا ناعما أملس قدر الطاقة ، وكانت درجة نعومة السطح هذه تعد من القيم الجمالية التي تحتسب عند تقدير اللوحة ، فكلما تمكن الفنان من صنع سطح أكثر نعومة ، كلما ازدادت قيمته الفنية . أما الآن فالوضع مختلف ، فأصبح نعومة السطح أو خشونته تحتمها ضرورات العمل أو الموضوع الرسوم .. وقد انحاز الفنان عبد الوهاب مرسي في معظم لوحاته إلى انجاز اسطح خشنة بشكل عام ، حيث تلعب هذه الخشونة دورا هاما في تحميق احساسنا بتاريخية اللوحة ، وامتدادها في الزمن . إن عجينة اللون عند عبد الوهاب مرسى تتسم بالكثافة والثراء ، خاصة وأنه جنح لعزف موسيقى الظل والنور ببراعة واقتدار. كتب الشاعر المصري الراحل صلاح عبد الصبور مرة : " ان القصيدة التي تمنح نفسها القراءة الأولى هي قصيدة متوسطة ." ويبدو أنني مضطر للااستشهاد بهذا القول الصائب عند تحليل أعمال هذا الفنان الكبير ، فأنت عندما تشاهد لوحاته لأول مرة ، لا يمكن أن تستقر على تفسير اللوحة ، إن لوحات عبد الوهاب مرسي تلمح ولا تصرح ، تهمس ولا تصرخ ، ففي لوحة " المرأة والهلال " نتلمس هذا الجسد الانثوي المتخفف من انضباط النسب التشريحية ، والغارق في غابة من المساحات والزخارف الهندسية ، بينما اللون الأخضر الزرعي ـ رمز الخير ـ يغمر كل الجسد ، في حين يستقر هلال على دائرة قاتمة أعلى اللوحة . إن الأحمر القاني الذي يحيط بالهلال ، وتخترقه وحدة زخرفية من المساحات الهندسية ، قد يشير إلى صراع الشر مع الخير ، باعتبار أن الأخضر رمزا لهذا الخير ! إن الميل لملء فراغ اللوحة بخطوط قاتمة صارمة ، تخترق العناصر والمساحات بخجل ، يؤكد استلهام عبد الوهاب مرسي لأسلوب الفنان الاسلامي القديم ، الذي كان يشعر بالذعر أمام الفراغ ، فنجده قد طعم هذا الفراغ بشبكة لا نهائية من الزخارف النباتية والهندسية ، دعمت فكرة الديني الذي يظن أن الشيطان يتسلل من هذا الفراغ من ناحية ومن ناحية أخرى أكدت فكرة ألله / المطلق ، الذي ليس له أول أو آخر. في إحدة لوحلت هذا المعرض المدهش ، أقترب الفنان من الهرم ، ذلك البناء الشامخ الذي يرمز دون مواربة إى العصر الفرعوني كله ، قدم عبد الوهاب تكوينا خلابا قوامه عدد من الأهرام متهددة الأحجام والأشكال ، ومنثورة بحكمة في فضاء اللوحة ، إن تداخل عناصر اللوحة بشكل يوحي بشفافية هذه العناصر كما لو كانت مصنوعة من الزجاج ، هي إحدة سمات اسلوب عبد الوهاب مرسي ، فمثلا ، نجد الهرم وقد اخترق جزءا من احد الوجوه الفرعونية أو تحسس هذه المجموعة من البشر والتي تحور شكلها ولخص بطريقة هندسية مثيرة ، والتي ملأت الجزء السفلي من اللوحة . يؤكد عبد الوهاب مرسي نفوره بشكل عام من عمل " الفورم " ( التجسيد ) لشخوصه وعناصره وله في هذا الأمد رأي واضح حيث يقول : " لأن لنا سمات وصفات ومنهجا استلهمناه من الأصول ، والفن المصري القديم والعربي الاسلامي مسطح ، ويلعب خط تحديد الاشكال دورا مهما في ابرازها " . يبدو انشغال الفنان بتحقيق البعد الدرامي في اللوحة اساسيا ، وقد تمكن من توظيف اللون بطريقة تفاقم من حبكة الدراما ، فمثلا نجد الأصفر المضيئ يخترق عتمة الالوان القاتمة ، أو يشتبك الأحمر الدافيئ مع هدوء الأخضر ، فتنفجر اللوحة بحرارة مدهشة . عبد الوهاب مرسي فنان نابه ومتدفق الابداع ، يصطاد من التراث أثمن ما فيه ليصيغه لنا في شبائك فنية حديثة منضبطة الايقاع .. عالية القيمة ، تدعمه موهبة طاغية وخيال ظازج ، وحس وطني رفيع .
بقلم/ ناصر عراق -(القدس العربي)
 
عبد الوهاب مرسي والطريق الصعب
"اتخذ عبد الوهاب مرسي طريقة الصعب نحو تطوير الموتيف الفرعوني والتزم كمصور عصري بالتعامل مع سطح اللوحة التصويرية والايهام بالتجسيم الخفيف أسوة بالجراريات الفرعونية ، ولقد شارك بأعماله التي لاقت تشجيعا كبيرا من جمهور الفن لمصريتها الأصيلة ، وقد كانت الجماهير في أوائل الستينات تبحث عن الشخصية المصرية في الأعمال الفنية قبل أن تهاجمها التطورات الشريعة في الفن الاوروبي . تمسك عبد الوهاب مرسي بالتيمة المصرية إلى أبعد الحدود ثم قام بتحريك الموتيف وأحيانال يكون الموتيف بطلا أو يصبح جزءا من تكوين تجريدي مرة أخرى . كان الفنان عبد الوهاب مرسي من أوائل الفنانين المصورين الذين ادخلوا الخامات المختلفة على سطح اللوحة ، واهتم باحداث الملابس السطحية المختلفة وقد تأثر به عدد من الفنانين بعد ذلك وقد كانت هذه التجربة جديدة تماما على واقع التصوير بشكل عام منذ الرعيل الأول ثم فتح باب التداخل بين الزخارف المختلفة الفرعونية النوبية كعنصر مؤثر في التكوين . تميز الفنان عبد الوهاب مرسي بكثافة اللون واستخدام سكين المعجون بمهارة وعفوية وتوافر لديه عنصر القصد في كل تكويناته ممجعل لشخصيته الفنية المتكاملة مذاقا حارا وخاصا لا يباريه فيه أحد بألوانه الساخنة المعبرة عن الطبيعة المصرية . عبد الوهاب مرسي فنان لا يتوقف عن الانتاج والاشتراك في المعارض المحلية والعالمية وقد عبرت شهرته إلى الشمال الأوروبي وإلى أمريكا فإنه يملك رصيدا كبيرا ، جمهور المعجبين بفنه المتطور الذي لا يقف عند حدود ثابتة متنقلا بتمكن بين أصالة الإرث الثقافي المصري والتنواول الحديث.
بقلم / مكرم حنين
 
فنان مبدع وخلاق
الفنان عبد الوهاب مرسي فنان مبدع وخلاق قد تبدو أعماله في مراحل متعددة شبه متقاربة للمشاهد العادي ، ولكن بالرؤية الفاحصة المدققة ، يمكن أن يلحظ المتلقي قدرته الهائلة على التنوع داخل الجزء الصغير من اللوحة الواحدة ، وقد تبدو عناصره ومفرداته لا تتغير كثيرا عن بعضها في لوحاته ، إلا أن يضفي عليها من عنديته الملمس المتغير الذي يخدم هذه العناصر ، واللون الجديد الذي يلبسها ثوبا قد تؤدي من خلاله معنى جديدا. ويتبنى الفنان عبد الوهاب مرسي قضية تبسيط الشكل الانساني ليصل إلى فكرته لدى المشاهد، والتبسيط عنده ليس تبسيطا عنيفا ، ولكنه مستمد في الغالب من الخطوط الخارجية للرسوم الجدارية للفنان المصري القديم ، مع إضفاء طابع العصرية عليها .. ومع أن افكاره دائما تلتصق بالانسانية في كل حالاتها إلا انها تحمل قضايا انسانية عميقة ، ورؤى اجتماعية ذات أبعاد متعددة . وقد استوعب الفنان عبد الوهاب مرسي الموروث الشعبي استيعابا كاملا ، أدى إلى اعادة صياغته بقدرة وبساطة فائقتين متمثلا في المربع والمثلث وبعض الزخارف الشعبية الأخرى التي يطعم بها أعماله ليصل بمفهومها إلى المتلقي. وأمام هذا الموروث لا يجد إلا أن يستكمله بمجموعة الألوان المصرية القديمة التي تتمثل في الأزرق والبرتقالي والأحمر والبني المحروق ، وهذه الألوان قد استخدمها استخداما قديرا أمكنه من خلالها الوصول إلى عمق الفكرة التي يرغب في التعبير عنها . وتعتمد الأعمال الفنية للفنان عبد الوهاب مرسي على تقسيم لوحاته تقسيمات غير متماثلة في غالب الاحيان ، يحلو لمفرداته المرور من خلال هذه التقسيمات بحرفية الفنان في الأشكال ، على أن الوجه الانساني المثلث الشكل والهلالي ، وبهض الزخرفات والنجوم الخطية هي أدوات أعماله الفنية التي يحقق من خلالها كل القيم الفنية التشكيلية . وعندما تقع أعيننا على أرضيات لوحاته فنجدها غنية بالملمس الخشن ذي الالوان الناعمة والهادئة والتي تتخللها بعض الزخارف كالنجوم المربعات والمثلثات وخلافه ، لتساير بعض الملامس الأخرى في اللوحة وتحقق التوازن بينها وبين العنصر الانساني واللون . واذا كانت بعض لوحاته تحمل بعض العناصر الأخرى كالسمكة فهي إن رمزت لشئ فهي تريد التأكيد على أهمية الخير والخصب في أرض مصر . وعندما يصل الفنان عبد الوهاب مرسي إلى مرحلة التشكيل بالرمال ، نجده يحمل في طياته مضامين شعبية زخرفية تحققت من خلال مادة الرمل .. التي أتاحت له الفرصة لعمل ملامس مختلفة متباينة لم يجد لها مثيل في لوحاته الزيتية من قبل ، فراح يدخل على بعضها الملونات المتداخلة غير المحددة على هذه البروزات " الريليف " مع الاحتفاظ بالروح الشعبية في عمق اللوحات التي نفذها. وكان للفنان نفسه عدة تجارب سابقة في السبعينات كان لها أكبر الأثر في انتشار فنه وشيوع اسمه ، فقد قام بتنفيذ مجموعة من الأعمال الفنية المطبوعة بالشاشة الحريرية على ورق أصفر مما يدل على قدمه ، وراح يلون هذه الاشكال بألوان تقترب من ألوان الفنان المصري القديم ، مع إضفاء اللون الحجري على أرضية اللوحة وحرق أطراف بعضها بالنار ليؤكد على قيمة القد والاصالة .
بقلم / عادل ثابت
 
الواقعية المصرية الجديدة
"الفنان عبد الوهاب مرسي اذا تتبعنا أعمال فناني الحركة الفنية المصرية المعاصرة .. للمسنا تطور حركتها المختلفة منذ رواد الفن المصري المعاصر الذين أبدعوا بأزميلهم وفرشاتهم .. ومن ثم تجارب الفن مع الاحداث لنتائجها وحاجاتها تبعا لسن الحياة .. فاتسم الابداع بالتنوع والقلق فبعثوا من السكون الحضاري العتيق لمصر نهضتها الفنية الحديثة .. وتتابعت الاجيال كموج البحر .. ومن طليعة الجيل الرابع للفنانين الجاذبين الفنان القدير عبد الوهاب مرسي. الفن والانسان ، كلمتان يبدوا فيهما الكثير من القيم ، كالتصوير ( الرسم ) و عبد الوهاب مرسي. فإن عبد الوهاب يؤكد ذاته من خلال فنه ، واستطاع أن يستلم اصالة فنه من منابع ثلاثة : التراث ، والبيئة ، والعصروالفنان عبد الوهاب مرسي فنان خلاق وأعمالة تحمل طابع الاعمل الجدارية القديمة " الفرسكو " ، ولكن بمفهوم آخر ، وعلاقات تعتمد على توليفة من فن الحفر والتلوين معا على مساحة من الورق له رائحة القد لينتقل المشاهد إلى زمن بعيد ، تناولها بوعي ، وربط بينها وبين العناصر والخطوط الهندسية تمتزج فيها الزخرفة بتناغم مع السطح لتزيدها حيوية وثراء ، ثراء فن الجرافيك الذي تحرر من قواعده وقوانينه الاكاديمية ، مساعده في ذلك ممارسته الطويلة لفن التصوير فتعتبر أعماله مزيجا من التعبيرية التجريدية في الأداء ، والسيريالية في الخيال ، فهو يجذبنا منذ الوهلة الأولى إلى عالم غريب حيث يحور بالخطوط والالوان في لوحاته ويبالغ في الحس الهندسي الثنائي الوصول إلى مضمونه الرمزي مستغلا معرفته للاثار وقدرته وسيطرته على االوان ، لذا نستشعر في أعماله أيضا بلاغة القيمة الفنية ذات مذاق شديد التعبير والتفرد، قدم من خلالها رؤية جديدة ، هذا ما تميز به أسلوب عبد الوهاب مرسي ، من حيث ديناميكية العمل والتعامل مع الالوان بايقاعات موسيقية تنتقل من خلال العين إلى الوجدان ، فيحدث تجاوب عاطفي بين المشاهد واللوحة من خلال الاحساس المنعكس عند الرؤية .. هنا نجح عبد الوهاب مرسي بمقدرة في تسجيل فكرته الفنية بشكل مطلق شأنه شأن الفلسفة ، لأنهما يشتركان في معالجة المطلقات في تصوير وجهات نظر الحياة أي للمعاني المختلفة للحياة .. والفنان عبد الوهاب مرسي دائما في حالة قلق ، لا يحب الرتابة ، متنقلا من وظيفة إلى أخرى ، عين بمصلحة الموازين من 57 حتى 58 ةتركها ، وعمل طوال ثمانية عشر عاما في مركز تسجيل الآثار من عام 58 حتى 1976 يعيد صياغة الصور الفوتوغرافية للفن المصري القديم بين أعمدة المعابد وجدران المقابر ، هكذا جعله يتشربه بحكم غير مباشر ، فلقد اكتسب من روافد الحياة العملية احساسا فطريا ينبت من الداخل ، يفرض نفسه كضرورة للتواجد الكامل بين الباطن والظاهر ، " الداخل والخارج " وكذلك بين الماضي والحاضر ، والتراث والبيئة تسكن احساس ونفس الفنان عبد الوهاب مرسي ، أنه لا يرسم التراث ولكنه يسقط احساسه باللون وتموجاته والخط وايقاعاته على سطح اللوحة في نغمات قصيرة وطويلة في رمزية واضعا في الاعتبار الايقاعي الحركي الذي يعيش على سطح اللوحة ، لقد أعاد الفنان عبد الوهاب مرسي خلق الطبيعة والتراث من جديد ، والحفاظ على ماضينا الفني .. فقد حقق عبد الوهاب مرسي في هذه امعادلة الصعبة التوفيق بين الماضي والحاضر ، وربط الفكر الفلسفي في الفن المصري القديم موظف برؤية ابداعية معاصرة بها الروح المصرية بانفعال صادق من ذات الفنان يحكمه الخيال الابتكاري ، ولو انتقص أحد أركان هذا المعنى أو المفهوم يصبح العمل ناقصا في فنيته ، هذا مفهوم واقع الفن المعاصر . ومازال الفنان عبد الوهاب مرسي يواصل ابداعه ويقدم لنا تباعا حصاد فكره الفني الذي يعتبر علامة مميزة ومركز ثقل في فننا المصري المعاصر .
بقلم / وجدى حبشى
 
في معرض عبد الوهاب مرسي احترام كامل للمصرية
إن عبد الوهاب مرسي فنان من طين مصر ورمالها .. رفض التبعية والتغريب وكانت السيادة المصرية بداخله كمنهج ومبدأ تعبير وممارسة عن ذات الفطرة والانتماء تعبيرا عن مصر أرضا وشعبا . وظف الاصالة المصرية توظيفا خاصا تميز به .. حيث استلهم الواقع التراثي واخضعه لذاته فأصبح له تفرده ولم يتوقف بل أضاف وقد أعمال ذات نكهة مصرية وذات الاصالة للفنان تميزا . وهذه الرحلة والمشوار الفني لعبد الوهاب مرسي تعبر عن داخل وأعماق كل مصري تعبيرا وأداء .. لذا سيتوقف المشاهد أمام كل لوحة يجد فيها مصريته تكوينا وعناصر ، ودفء ألوان ما بين الأحمر والأخضر .. لذا لن تحس الغربة مع مشوار حياة الفنان عبد الوهاب مرسي بداية من لوحته عن حرب 56 ، ومعاناة شعبنا والطفلة البائسة وقطتها المسكينة مرورا بمراحل وتقنيات فنان اقتنت اعماله المؤسسات والمتاحف والافراد في كل العالم ، لذات الحس المصري وللأداء المتميز ، حتى أنه لم يجد إلا هذا العدد القليل ليمثل مراحله الفنية وهذا ما جعله يتجه إلى الحفر لينتج أكثر ويقدم العديد من أعماله لتحتل مكانها ولتؤكد الوجه الفني المصري الذي عاش في فاقوس شرقية (1931) يتمثل في داخله القيم الريفية الاصيلة وأمانة التناول والتعبير للأرض والناس وللأهل ، فكان أداؤه ممثلا ومعبرا عن الأرض بما عليها فكرا وطبيعة .. ولذا جائت فلسفته الخاصة لتقدم لنا رحلة عمر الفنان عبد الوهاب مرسيومدلولاتها التي تنعكس على المشاهد وهو أيضا رد الفعل الذي يعني نجاح الفنان وليصبح الفن التشكيلي اسلوبا للتنوير والتوعية والتذوق لفنان استشعر القيمة الجمالية من تراثنا بعد تخرجه في فنون جميلة القاهرة فبدأ بانطلاقة شدت إليه الانظار ، ويبدأ بمرحة تعبيرية إلى الرؤية الرمزية الخيالية التي تحكمها بساطة اللون والخط ، ويبدأ مرحلة جديدة يعمل من خلالها حفرا للاستنساخ ليبيع أعماله ويمارس فنه الذي يتفاعل معه من خلال البرديات والشمع الذي استخدمه بدلا من الزنك والحجر وليعطي له حرية حركة في الأداء التكتيكي . ويظل الفنان عبد الوهاب مرسي في حواره مع عناصره وطين مصر ورمالها ويواصل تطوره ويضيف وينفرد ليرسم بالرمل على المسطح ارتباطا بالأصول المصرية ، والربط ما بين الأصالة والمعاصرة وهو خيط متصل بذات هذا الفنان.
بقلم/ محمد سليمة
 
في معرض عبد الوهاب مرسي احترام كامل للمصرية
- مصر بكل فترات تاريخها الضارب فى القدم مع الزمان وقبله . - إن عبد الوهاب مرسى وألوانه التى يسكبها عن طريق الحفر والتصوير أغلب الأمر : إنما تعكس ذلك المزيج العجيب الساحر الأخاذ مع عبق الماضى وتراثه ، مهما اختلفت مراحله . - انك ترى فى لوحاته ورسومه وألوانه : مصر ، بجلال تاريخها وحضاراتها من مصرية عتيقة .. سواء فرعونية أو إسلامية . فيها تلعب خيالاته بحروف الكتابة وأشكال الحيوان والطائر قبل الإنسان .. ما يجمعها فى لوحة واحدة .. تنقلك فى ثانية واحدة لتعيش الماضى مع الحاضر .. جسراً فنياً متوارثاً . - إن فن : عبد الوهاب مرسى إنما يعكس فى إطار من انصهار الفن وفتراته التاريخية فى بوتقة لوحاته : تراثاً فكرياً فنياً مصرياً : خالصاً .
بقلم/ كمال الملاخ
أعمال الفنان عبد الوهاب مرسى
أعمال الفنان عبد الوهاب مرسى تمثل ملحماً متميزا فى حركتنا التشكيلية المعاصرة منذ أكثر من اربعين عاما . استلهم ـ كمصور مبدع معطيات الفن المصرى وعاشت فى مخيلته وطوعها لرؤيته وأسلوبه الذاتى المبنى على أسس راسخة من القيم والمبادئ الأكاديمية سواء فى معالجاته اللونية التى تبرز موسيقية العلاقات على مسطح اللوحة التصويرية أو تكوينات العمل الفنى المتماسكة المحبوكة على الرغم من تركيزه على البعدين وليس على البعد الثالث فالتجسيم عنده إيهامى يؤكد ثراءه الإبداعى ومقدرته التعبيرية من خلال القيم الجمالية وشاعرية الحس وثراء الملامس وإرهافها وتأثره بروح الفن المصرى القديم . ومن هنا فإننا نرى فى إبداعات عبد الوهاب مرسى دليلاً على فنان استطاع بغير افتعال أن يحل مع نفسه معادلة المحلية المصرية واستلهام الجذور محافظاً على حيوية إبداعاته وإشراقاته اللونية والتكوينية ومقدرته على إشاعة الحس الجمالى لدى المتلقى.
بقلم/ كمال الجويلي
 
برنامج جولة الفنون والناقد بيكار

المذيعة:
بالنسبة للمعرض الي حنتكلم عنه النهاردة هو معرض يعتبر من أبرز المعارض الي عرضت في هذا الموسم وعرض من أيام قليلة أو أسابيع قريبة جدا هو معرض للفنان عبد الوهاب مرسي أقيم هذا المعرض في قاعة السلام بالزمالك يمكن الحاجة الي بتخلي هذا المعرض ده بارز وفي قيمة معينة هي ان عبد الوهاب مرسي يمكن كان بقالوا مدة طويلة ما انفردش بمعرض خاص وانما كانت لفترة طويلة أو سنوات طويلة كان بيشترك بمعارض جماعية وانما السنة دي اشترك بهذا المعرض وبعد فترة غياب طويلة لمعارضه الخاصة قدم الجديد في هذا المعرض من السنوات الي مضاها في البحث وفي العمل قدم الخامة الجديدة والتطوير الجديد الي دخل به هذا الموسم أهم حاجة في هذا التطوير ان الخامة التي استخدمها عبد الوهاب مرسي كانت خامة جديدة وغريبة على الفن التشكيلي وهي خامة الرمل استخدم الرمل بدرجات متعددة الألوان ومختلفة ووصل فيها الى درجة كبيرة من الإبداع قبل ما نبتدي نشوف المعرض مع بعض ونلتقي بضيفنا النهاردة عشان نتكلم بالتفصيل عن هذا المعرض أحب أدي نبذة عن سريعة حياة عبد الوهاب مرسي الفنية .. عبد الوهاب مرسي من مواليد القاهرة 1931 وتخرج من كلية الفنون الجميلة سنة 1957 وحصل على منحة التخرج عام 1962 واشترك في بنال الإسكندرية في عدة معارض لبنال الإسكندرية سنة 1957 ، 1959، 1961، 1968،1970، 1982 هو له انتاج غزير واختار مرسم في حي من أعرق أحياء القاهرة القديمة وهو حي الجمالية المبنى الأثري الي فيه المرسم في داخل المسافر خانة و فيه بيعايش التراث القديم الي تأثر به في أعماله .
عمل عبد الوهاب مرسي فترة بهيئة الآثار ثم بهيئة الفنون كمدير للمعارض الخارجية وحصل على عدة جوائز في الفن واشترك في كثيرمن المعارض المحلية والعالمية .في هذا البيت العتيق في مبنى المسافر خانة يستلهم أعماله ويتأثر بها بيجمع بين أصالة الماضي وواقع الحاضر ويستخلص منه قيم جمالية بتفرض نفسها على المتذوق للفن وبيستخدم خامة بسيطة من صحراء بلادنا بتحمل في طياتها كل مايريد أن يعبر عنه الفنان الصادق الأمين.
شفنا مع بعض عبد الوهاب مرسي وهو بيعمل في المرسم وبيسعدنا النهاردة نلتقي مع الأستاذ حسين بيكار عشان يكلمنا عن فن عبد الوهاب مرسي .
المذيعة : أهلا وسهلا أستاذ بيكار
الأستاذ بيكار: أهلا بيكي
المذيعة: يمكن عبد الوهاب مرسي كان له مراحل متعدة وإنما يمكن المرحلة الأخيرة التي قدم فيها هذا المعرض كانت بينفرد بيها فنه في هذه المرحلة ، كلمنا حضرتك عن هذا الفن أو هذه الخامة الجديدة التي استخلص منها عبد الوهاب مرسي هذا العمل قدمه في المعرض.
الأستاذ بيكار : لازم قبل ما نتكلم عن المرحلة الجديدة يبقى نشوف صورة بانورامية لأعماله خلال العصور ويمكن المعرض الأخير الي عمله في قاعة السلام زي ما قلتي حضرتك بيورينا الأعمال عملها في جملة مراحل ودة نجد المعارض الشامية من هذا النوع انها بترينا الخط البياني الي بيتبعه الفنان وهو صاعد من درجة لدرجة وازاي بيتطور وازاي ما بيفضلش جامد في مكان واحد إنما دايما بيجدد ودايما بيتطور في هناك مع الأسف بعض الفنانين تطورهم تطور طفري يعني بيقفزوا قفزات طويلة جدا من مرحلة لمرحلة أخرى بدون أي تمهيد وده في الواقع صورة للاشيء تحمل سنة النمو الطبيعي لأن النمو الطبيعي دايما فيه التدرج الي هو النمو الي بياخذ خطوة ورا خطوة .
المذيعة : ما بيبقاش فيه نضج
الأستاذ بيكار: ما بيبقاش فيه نضج بالضبط. فهنا نمو عبدالوهاب مرسي نمو طبيعي بنحس ازاي بيتحول من مرحلة لمرحلة بشكل وئيد جدا وبشكل عاقل جدا وبشكل بيعلق جذوره باستمرار بالشكل ده أي انتقال الى مرحلة جديدة بتبقى منطقية جدا ما هياش غريبة فالمعرض الي عمله عبدالوهاب مرسي بيدينا صور من المراحل القديمة وبعدين بيدينا أيضا المرحلة الجديدة زي ما قلتي حضرتك عبدالوهاب مرسي بدأ حياته في مصلحة الآثار المصرية وأتاحتله هذه المدة أنه يتعرف وبعمق شديد جدا على الفن المصري القديم وبعدين من معاشرة الفن المصري القديم ممكن الواحد يتأثر بالجانب السطحي فقط ولكن عبدالوهاب مرسي استطاع انه يتعمق في الفن المصري القديم ويتشرب جوهره مش الجانب السطحي بتاعه فتشبع بحكاية الفن المصري القديم ده هو ولما بدأ يرسم أعمال مستوحاة من التراث مكانش بينقل التراث نقل حرفي زي ما بيعمل بعض الفنانين انما هو هضم التراث وابتدأ يخلق هو الأبجدية الجديدة بتاعته وابتدأ يبقاله هو حروف هيروغليفية خاصة به جدا تحسي تمام انها مصرية مية المية وفي الوقت نفسه مستوحاة من التراث المصري ولكنها معاصرة وعايشة الى يومنا هذا. فدي ميزة عبدالوهاب مرسي كفنان تشكيلي استطاع انه يقرأ التاريخ ، وانه يستوعب التاريخ وإنه يهضم التاريخ ويخرج فيه بلغة معاصرة عميقة الجذور ولكنها بتطل على الآفاق العالية جدا الي هي كل التطورات العصرية الموجودة في العالم . فهنا عبدالوهاب مرسي بدأ يصور زي المصورين كلهم بالألوان والأصباغ العادية وكان له الطابع بتاعه المتميز جدا ولكن برضه لازالت هناك قابعة في أعماقه الصور الجدارية الي كان بيصنعها قدماء المصريين ، قدماء المصريين لما صوروا الجدران في بعض الأحيان مكانش الفنان المصري بيكتفي بأنه يلون التصاوير الموجودة على الحيطان لكن كان بينحتها كمان ، فكان بينحت السطح ويلونه ، تقريبا كان بيعمل مزيج من التصوير في النحت الدارج ودي برضه سمة مصرية أصيلة وثمينة وما جيبناهاش من فراغ لا جيبناها من الفنان المصري القديم ولكن هو زي ما قلت في الأول ماخدش الأسلوب الحرفي إنما حولها الى مفهوم جديد واستخدم أيضا خامة جديدة ولكن بنفس المنطق القديم عمل ايه ...
المذيعة : ( مداخلة ) هو ده الي خلاه يستخدم الرمل ده الي وصله الى هذا السطح الخارجي.
الأستاذ بيكار : بالضبط عشان يرسم السط البارد بينما التصوير العادم هو رسم على مسطح لكن هو عايز يدينا كمان عمق وبروز فاستخدم بقى الرمل ، الرمل خامة مصرية قديمة تحلو لأن يشكل عليها الرمل بعدين أو يسيب بعض أجزاء من الرمل باللون الطبيعي ويلون بعض الأجزاء اذا كانت محتاجة للتلوين فهنا طبيعة الرمل طبيعة خشنة ومؤثرة قوي لما الواحد يبص للسطح الرملي يحس تمام انه أنا قلتها مرة زي الواحد الي بيهرش في جلده يحس بنوع من الراحة فالسطح الخشن الموجود على اللوحات بتاعة عبدالوهاب مرسي يحسسك بنوع من القشعريرة اللذيذة ، فده إسخدام ملمس جديد غير الملامس المعهودة وده برضه مش جديد لأن الفنانين لما ابتدوا يعملوا التوب آرت الي هو وليد الكولاج ابتدوا يحطوا خامات مختلفة وتتعامل هذه الخامات علشان تأكيد واقع بشكل أكثر صراحة وبشكل أكثر إيجابية فبرضه عبدالوهاب مرسي كان آثول قوي في انه يخلي اللوحات بتاعته تبرز شوية وكان معاصر قوي بأنه يستخدم مادة التوب آرت الي هو شاع دي الوقت في العصر الحديث الي هو استعمال في العصرا الحديث الي هو استعمال جملة خامات عشان يعمل سطح مشكل.
هنا بقى بنشوف برضه اليوتيفات بتاعته القديمة او الهيروغليفيات بتاعة عبدالوهاب مرسي بتبان تاني بشكل مجسم وبتاخد دسامة أكثر وبتاخد بروز أكثر وبتلقى فيها نوع من الإشباع أكتر من السطح الإيه وكان بيحاول لما كان بيعمل تصوير بيحاول يخلي السطح خشن ويحاول يكشطه ويجرحه وبتاع فهو استطاع بالخامة الجديدة إنه يعوض كل الحاجات الي كان بيعملها في الماضي يدينا السطح الخشن الي هو نفسه الخط ونفس اللون مش محتاج أبدا لعمليات تانية علشان تعوض ده، فبنشوف بقى كل التشكيلات الجديدة بتاعته الي فيها المنطق القديم بالإضافة الى الخامة الجديدة الي أضافها ، أحسن ما عمل بقى عبدالوهاب مرسي في هذا المعرض لما جاب منطقة سيناء وشاف صحراء سيناء وجبل سيناء ووقف بالرحة هناك فخد من هذا المكان المناخ الي فيه القداسة وفي رهبنة وفي فعلا حتة صوفية غريبة خالص في وادي سيناء فاستطاع انه يعبر عن المنطقة برضه بالرمل فكانت من أحسن لوحاته في الواقع الي فيها الخامة الي كانت بتترجم الواقع الروحي بتاع المكان.
المذيعة : هل الأبجديات الهيروغليفية بتاعة عبدالوهاب مرسي التي سميتها حضرتك استاذ بيكار هل دي تعتبر رموز معينة بيرمز بيها الى شيء محدد والا مجرد انها التشكيل الي بيقدمه في هذا السطح.
أستاذ بيكار: أنا قلت هيروغليفيات ليه ؟ لأنها طبعا الهيروغليفية معناها حروف أبجدية بتقرأ، أو رموز زي ما قلت لحضرتك بترمز الى اشياء أو مجرد شكل بينبض كده يعني تلقائيا والفنان بيستخدمه بشكل تشكيلي فطبعا ما نقدرش نقرأ الرموز دي في لوحات عبدالوهاب مرسي ما نقدرش نقول الشكل ده كذا أو كذا ، بنشوف أحيانا أهلة ، بنشوف أشياء زي الأقمار ، بنشوف أحيانا أشكال زي الطيور ممكن بتيجي تتخلق الأشكال دي وهو بيستخدمها.
المذيعة : أو أشكال هندسية
أ بيكار : أو أشكاال هندسية لكن ما نقدرش من أولها نقول دي معناها كذا ودي معناها كذا لأن هو ما بيقصدش هذا فالأبجدية بتاعة عبدالوهاب مرسي --------- أبجدية تشكيلية ما هياش لغوية فنشوف أحيانا خط منطلق أحيانا حتة زي الهلال أحيانا مثلث أحيانا .. كلها أشكال لكن في الآخر بتدينا لوحة لها مضمون وجداني مريح ، أحيانا بقى بيحاول يدينا شكل --- فعلي لكن لو اللوحة أوحت بهذا ما فيش مانع أبدا يدينا شكل زهرة شكل نخلة شكل وجه آدمي لكن ما بيعرفش أبدا بالطبيعة ما ينجذبش ليها ولا يعرفش أبدا بالتراث ويحس انه بينقل الصورالتقليدية الي احنا بنشوفها في جدران المعابد -------- لكن هي صور بتاعة عبد الوهاب مرسي مية المية.
المذيعة : واستطاع نقدر نقول انه يمزج ما بين التراث والمعاصرة في أعماله.
أ بيكار: هو ده تمام وده الدعوة الي احنا بندعو اليها دايما ان احنا التراث مش معناه نقل التراث والمواصلة مش معناها نقل المواصلة مش معناها نقل المواصلة بما يصنع في الغرب من غير حجم التراث ومتابعة الفكر العالمي وعمل المعادلة الصعبة الي هي بنقول عليها فعلا إزاي الواحد يوفق بين الأصالة المحلية والإتصال بالتراث وفي السياق نفسه الإنفتاح على العالم كله وعلى الفكر العالمي بالشكل ده يبقى الفن عايش باستمرار ما هواش في عزلة عن المجتمع وعن البيئة ما هواش في عزلة عن الفكر العالمي وعن الي بيحدث في العالم هو ده في الواقع ولذلك عبد الوهاب مرسي استطاع ..
المذيعة : هو ده التطور
أ بيكار : ده التطور الطبيعي فعلاً ولذلك عبد الوهاب مرسي استطاع ان يثبت وجوده كفنان مصري وعلامة فعلاً للفنان المصري المعاصر الي هو بنقدمه كنموذج للفن المصري المعاصر أهو انا في أميركا لو مثلا شكلنا عليه مافيش مانع هو الفكرة في الشكل ده أو النموذج ده لكن ده ممكن يضيع منه مافيش مانع أبداً فهو ما بينفرش أبداً من التشخيصية لكن ما بيقربلهاش قوي .
المذيعة : هي إيحاءات
أ بيكار : إيحاءات بالضبط إيماءات كده خفيفة يعني شايفة الهلال هنا بعض الأقواس
المذيعة : ونص قمر
أ بيكار : وسهم صغير يعني في عشوائية هنا ، إسقاط تلقائي أحياناً بأشكال بتيجي هو بيكون لوحة هو نفسه ما يقدرش يقولك بعمل ده ليه وبعمل ده ليه إنما ده نوع من إرضاء الذات انه يعمل سجادة جميلة مالهاش مدلول أبداً معين لكن فعلاً فيها حتة إبداع جديدة خالص.
المذيعة : إبداع يعني شعور في لحظة معينة.
ويشير الى اللوحة وهو يتحدث
أ بيكار : بالضبط آدي جبل الراحة الي هو من سينا .. الدايرة دي يمكن تكون شمس لكن ماهياش شمس في الحقيقة والجبل الي كان ورا ماهواش جبل حقيقي انما بيوحي بالجبل فيها بعض أولاد هنا بيلعبوا ، أشخاص أهم بعيدين جدا عن الصور الطبيعية ، ده ممكن يكون شباك ، ممكن يكون شطرنج لكن هو ... هنا البلاطات الي متجاورة هندسيا لكن ما فيش واحدة زي التانية في إيقاع يتكرر من المربعات المستطيلات ده الإيقاع الي احنا بنقول عليه زي الوحدة الموسيقية إيقاع مستمر أهو كل دي مربعات ، مستطيلات ، مربعات مستطيلات ..
المذيعة: كنغيمات
أ بيكار : كنغيمات على إيقاع ثابت ، ودي المزيكة ودة الفرق يعني العلاقة بين التصوير وبين الموسيقى هي دي بالضبط .
وبالإشارة الى اللوحة
أ بيكار: هنا استخدم أقواس كبيرة ، استخدم دواير ، استخدم أهرامات صغيرة ، هنا بقى لما نشوفها على الطبيعة ، الخامة هنا بتساعد كمان أكتر يمكن التلفزيون مابيوضحش إحساس الملمس دة لكن فعلاً الخامة بتديها صلابة و حاجة زي ما قلت بتهرش فعلا ( ضاحكاً).
المذيعة: هي فعلا بتدي الإيحاء بالرسوم الحائطية القديمة الـ ....
أ بيكار : تمام ، الحيطة القديمة فعلا بعد ما تتعرى شوية بتبقى خشنة كدة وفيها عُمر.. معمّرة.
المذيعة :وبُعدها راح ألوانها من الزمن.
أ بيكار : أيوة بهتت كدة ، بالضبط هنا زي ما قلت لحضرتك بيستعمل العنصر الزمني يعني موجود فعلا عنده يعني بيديها الإيحاء بالقِدَم طبعا هي صور جديدة لكن يحس انها معمرة ومعمرة مش معناها انها عجوزة لا هي ناضجة فيها نضج الزمن عبد الوهاب مرسي زي ماقلنا هضم الزمن واستطاع ان يؤدبه بشكل جديد كدة.
المذيعة: وبالرغم من انه بيستخدم خامة الرمل واحنا عارفين ان لونها يمكن لون الي هو الأصفر العادي
أ بيكار: الرملي ( ويضحك)
المذيعة: الرملي أيوة .. وبالرغم من هذا بيستخدم هذه الأصباغ وبيحوله الى ألوان في منتهى البهجة.
أ بيكار: بالضبط.. وساعات اذا كان الرمل بيخدمه كمان بيثيره اذا احتاج مثلا حتة الرمل عايزة لون خفيف بيحط لون ، يعني هو الراجل ما فرضش نفسه عليه ، يعني هو فارض نفسه على الرمل بيشكله ويلونه زي ماهو عايز ، فهنا هو بس امكانية جديدة إديتله أفق جديد يقدر يتحرك فيه بخلاف ،، حنشوف هنا في أشخاص ..
المذيعة: دي بنرجع بيها للمرحلة القديمة.
أ بيكار: المرحلة القديمة .. شوية حجبة تحت يعني لو رسم أشخاص ما بيعرفش زي ما قلنا للطبيعة قوي لكن كمان ما بيقربش قوي لمصر القديم وهنا يمكن برضه الأحياء الشعبية الي عايش فيها في منطقة الأزهر هي برضه بتديله إيحاءات من الي بيشوفوا في الأحياء دية برضه بيدي فهو واخد من مصر القديم وواخد من الحي الي عايش فيه فهنا عنده الحصيلة كبيرة جدا يقدر يمد ايده ويطلع منها زي ما هو عايز، مانشوفش تكرارات من لوحة لثانية أبدا يعني عنده الحصالة بتاعته مليانة قوي بشكل غني خالص احجبة هنا أحجبة أحجبة وأشرطة.
المذيعة: يعني عبد الوهاب مرسي من الناس المتميزين جدا بأعمالهم.
أ بيكار : أيوة
المذيعة: يعني في كتير من الفنانين أستاذ بيكار طبعا كل واحد له أسلوبه وله .. إنما في بعض الفنانين يمكن ساعات ما بتبقاش متأكد إن هذه اللوحة لفلان الفلاني .
أ بيكار: آه لفلان أو لواحد تاني ، لا هو صارخ.
المذيعة: إنما عبد الوهاب مرسي من الي بيتميزوا بهذه الـ..
أ بيكار: هنا بقى الشخصية الصارخة ماتخطئوش العين أبداً من وسط ألف لوحة تقولي دة عبد الوهاب مرسي ده بقى قوة الشخصية وتفرد للشخصية أيضاً , لو كان بيقلد واحد تاني كان ممكن نقول هو والا مش هو لكن هو بيقلد نفسه بس ، عشان كدة ماتقوليش انه بيقلد واحد تاني فهو الحقيقة دي ميزة عبد الوهاب انه انفرد بشخصية معينة وأكدها باستمرار بالتجويد وبالإلحاح وخلاص استقر على يعني لغته الخاصة وماعادش أبداً حد يقدر يقول دة يعني حد تاني أبداً.. ودة مطالب بيه كل فنان انه دايما يكون عنده اسلوب خاص جداً ، يعني يبقاله درس خاص ،، يعني لما الواحد لما يسمع مثلا أم كلثوم من بعيد ما يقولش دي واحدة تانية أم كلثوم على طول لأن لها صوت متميز لها إلقاء متميز لها أداء متميز فالأذن ما تخطيئهاش فكذلك عبد الوهاب أول واحد ما يشوفه يقول ده يعني عبد الوهاب على طول.
المذيعة: آه.
ينظر الى اللوحة
أ بيكار : هنا استعمل الأقواس الهلالية بشكل فيه حركة عنيفة جداً ، فهو ماهواش هندسي بالمعنى الهندسي والجلجة ، هي هدسية متحركة هندسية ديناميكية ودي برضه ميزة تانية من مزايا عبد الوهاب إن الهندسة عنده ماهياش هندسة جامدة ، ماهياش هنسة ساكنة لا.. هندسة متحركة نابضة فيها حياة وفيها نبض في الحقيقة ،،.
المذيعة : يعني هي حتى كل القطوعات الي نقدر نقول الي موجودة في اللوحة ، يعني بنلاقي أوقات كدة قطع طولي أو عرضي هكذا أو هلال فكل دة ما بنلاقيهوش انه ..
أ بيكار : بالضبط بالضبط.
المذيعة : يعني بنلاقي في حركة جوة هذا القطع يعني دي ما بتبقاش بس مجرد فرشة أو جزء من اللون وإنما جواه تنغيمات أخرى.
أ بيكار: ما هياش تيمة يعني ماهواش مقيد بنسق معين ، يعني تجدي دايما بيدور على نظام جديد ونسق جيد.. هنا في شكل طائر أهو بيفكرنا بكا بتاع الفراعنة لكن مش هو طائر الكا بتاع الفراعنة لكن الطير موجود في أعناقنا بنشوفوا في الطبيعة ، هنا بيتحط لكن ..
المذيعة : بس بيستخدمه عنصر عشان يعمل التقسيمة بتاعة اللوحة يعني الـكيرف أو الـ ..
أ بيكار: يعني بتاعه هو مش بتاع حد تاني.
المذيعة: هنا كان الجزء الي عن الحفر لعبدالوهاب مرسي.
أ بيكار: أيوة ودي كمان ميزة تانية لعبد الوهاب انه استطاع يعمل حفر على الشمع مش عالخشب ولا الإيميلك برضه في نفس الطلاقة ونفس الدسامة الي موجودة في تصويره لكن بتكنيك جديد وأسلوب جديد استطاع أيضاً أن يحقق القدم للأطراف المتآكلة تحسي انها ورقة قديمة جلد قديم معمر يعني فات عليه سنوات كتيرة ودة أضاف عمر للوحة بتاعته وكمان بيكرمش سطح الورقة الي بيشتغل عليه ، الكرمشة أيضاً بتديها عمر تاني وكمان بيأكسد الألوان أيضاً ما بيخلهاش زاهية زي الألوان المبهجة فبيديها عمر تالت ، فهنا الحقيقة شوفي الأعمار المتتالية بتأصل اللوحة قوي وبتخليها تخش جوة المشاهد وتعشش في نفسه ما يقدرش كدة يبصلها بنظرة سطحية أبداً ..
المذيعة: يعني هو الشيئ الملاحظ ان حتى مع استخدامه لخامة جديدة وهي الرمل انما قدر انه يحافظ على هذا اللون الي قدمه في الحفر قبل كدة لما نلاقي نفس الشكل يمكن وانما متحول الى خامة جديدة...
أ بيكار: ما هي دي اللغة بتاعته بقى يعني زي الواحد الي بيتكلم صيني بيعمل بيها أشياء بيعمل بيها قصة بيعمل بيها قطعة ادارية فهي لغة عبد الوهاب معروفة..
المذيعة : آه
أ بيكار: في الحفر بيستخدمها في التصوير بالأصباغ بيستخدمها مع الخامة الجديدة الي حطهالنا السنة دي برضه بنفس اللون لأن الفنان ما يقدرش يتخلص من أسلوبه أبداً والا بيبقى يعني بيدعي زي ما بنتكلم كلام عادي كدة هوة لينا اشارات بتطلع تلقائية كدة ، كذلك الفنان الصادق ما بيحاولش يفتعل ما يحاولش يغصب على نفسه بشيئ ما هواش طالع من داخله فدي كلها حاجات بتطلع من جوة الفنان فبيسيبها تطلع بس بيسيطر عليها بشكل وجداني راقي وفي الآخر بتدينا حتة الرضا الي احنا بنسمي التذوق بالإستمتاع الي بيفرق بين صورة كويسة وصورة مش كويسة.
المذيعة: يعني هو اللون الرملي يمكن كان من الألوان الي بيحبها في أعماله من زمان .. ها !
أ بيكار :( مداخلة) بالضبط.
المذيعة : وبدأ بيها في المراحل القديمة ووصل بيها لغاية النهاردة قدر انه يوصل لهذه الـ .. لا بقى للأصل بتاع هذا اللون.
أ بيكار: أيوة طبعا دا صحيح هو اللون الرملي هو الي مسيطر عليه فلقى الرمل دة فاستخدم الرمل.
المذيعة: فاستخدم الرمل .. يعني احنا في نهاية هذه الجولة في معرض عبد الوهاب مرسي بنشكر الأستاذ حسين بيكار على هذا اللقاء وبنشكركم سيداتي وسادتي ونلتقي بكم في الأسبوع القادم مع حلقة جديدة من جولة الفنون .. شكرا لكم

تحليل الناقد والفنان حسين أمين بيكار للأعمال الفنان عبد الوهاب مرسى فى برنامج جولة الفنون
 
الأستاذ سعيد خطاب يحلل أعمال الفنان عبد الوهاب مرسي في لقاء تليفزيوني

المذيعة: سيداتي سادتي مساء الخير نحييكم ويسعدنا أن نلتقي بكم لمدة نصف ساعة أقدم لكم خلالها حلقة هذا الأسبوع من برنامج جولة الفنون في حلقة النهاردة يسعدنا أن نقدم لكم جولتنا في معرض واحد لأنه معرض شامل أقامه مجمع الفنون في الزمالك وخصصت له أربع قاعات ضمت أعمال الفنان المتميز عبد الوهاب مرسي والفنان عبد الوهاب مرسي من الشخصيات الفنية المعروفة بالحركة الفنية المعاصرة بتميزها وأصالتها وقد سبق أن التقينا به في برنامجنا مرات عديدة سواء من أجل النشاط الفني للمعارض الخارجية بصفته كان مسئولا عن هذا النشاط بهيئة الفنون أو بصفته فنان تشكيلي أحب هذا الفن وأخلص له وأقام معارض كثيرة متلاحقة كان يقيمها منذ الستينات وحتى الآن وفي نبذة سريعة عن الفنان عبد الوهاب مرسي نستطيع أن نقول انه من مواليد القاهرة عام1931 تخرج من كلية الفنون الجميلة عام 1957 حصل على دبلوم معهد التربية الفنية للمعلمين عام 1958 وقد حصل علة منحة تفرغ منذ عام 1962 ومنذ ذلك الوقت قبع في مرسمه بالمسافر خانة بالجمالية الذي يعتبر من أهم آثار القاهرة الفاطمية العظيمة ولايزال يعيش هناك حتى الآن يستقي من ربوعه فنه وقد اشترك في بناء الإسكندرية مرات عديدة في عام 1970 فاز بجائزة البينالي وفاز بجائزة الإمتياز في التخصص بمعهد التربية للمعلمين عام 1958 ، فاز بجوائز في الصالون عام 1961 و 1963و 1965 وفاز أيضا بالجائزة الثانية في البينالي الدولي الثالث ببرشلونة عام 1971 ومرشح لنيل الدكتوراة الفخرية بجامعة ماركويز بأمريكا والفنان عبد الوهاب مرسي سُجّل اسمه بموسوعة لاروس وروبير الفرنسية وبعض الموسوعات الأخرى وله مقتنيات في العديد من المتاحف العالمية والمحلية وأقام العديد من المعارض في كثير من الدول الأجنبية واشترك في أعماله في بعض المعارض العالمية.

يسعدنا في حلقة النهاردة أن نستضيف الناقد الفني المعروف الأستاذ سعيد خطاب.. أستاذ سعيد..

أ.سعيد: نعم
المذيعة: نشكر تلبيتك لدعوة البرنامج
أ.سعيد: ( مبتسما) يا أهلا وسهلا.
المذيعة: وأكيد حتمتعنا برؤيتك الفنية بالنسبة لأعمال الفنان عبد الوهاب مرسي ، بالنسبة للفنانين عامة عادة كل فنان بيمر بمراحل مختلفة بيكتسب تجارب جديدة تتجلى هذه التجارب في إبداعات مختلفة.
أ.سعيد: نعم
المذيعة: عايزين حضرتك تكلمنا عن الفنان عبد الوهاب مرسي عن المراحل المختلفة الي مر بيها وازاي استطاع في كل مرحلة أن يقدم إبداع خاص به.
أ.سعيد: يعني الواقع انه تاريخ الصديق العزيز الفنان عبد الوهاب مرسي زي ما سيادتك عرضتيه الآن هو تاريخ حافل بالإنتاج ، لكن القضية هي الآتي هل كل انتاج مع كثرته ممكن أن يكون فنا أو ممكن أن يكون مراحل مختلفة متعددة ينتقل من تجربة الى تجربة الى تجربة ومع هذا لا يصل الى شيء عبد الوهاب مرسي بيختلف عن كثير من الفنانين الي أعرفهم وأعتز بهم تماما لأنه في كل مرحلة من مراحل حياته الفنية كان يشعر انه مازال في حيرة يصل الى بعض النتائج وينتقل الى أخرى وهو في حيرة عبد الوهاب مرسي منذ أن كان طالبا في كلية الفنون الجميلة الى الآن نستطيع أن نقسم مراحل حياته الزمنية الى أربعة .. أربعة مراحل من وجهة نظري أنا ، المرحلة الأولى وهي المرحلة التي كان يعيش فيها في حصار أكاديمي عندما كان طالبا في كلية الفنون الجميلة في قسم التصوير لما بقول حصار أكاديمي ليس معنى هذا انني أسيء الى عبد الوهاب أو أسيء الى الأكاديميات لما أقول في حصار تعليمي يعني معناه كان عليه أن يتعلم وأن يستكمل ما هو موجود بداخله من استعداد نحو الفن ، أول ما تخرج عبد الوهاب مرسي وكان في أوائل السيتينيات ظهرت مجموعة من الشباب الفنانين ، ظهر من بينهم عبد الوهاب مرسي وتفائلنا في بداية الستينيات بأن هناك مجموعة من الشباب الفنانين التشكيليين الي ما بينهم عمر النجدي ، منهم صالح رضا ، منهم طه حسين منهم عبد الوهاب مرسي حيقودوا الحركة الفنية ويستلموا الراية من الرعيل الأول الي هو علمنا الفنون في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات ، عبد الوهاب كان أحد هؤلاء الفنانين المبشرين , تحول عبد الوهاب فورا من الحصار الأكاديمي الى انطلاق مطلق في عالم الفن لكنه دخل أيضا في نوع من الحصار الجديد وجد نفسه محاط بفنون موجودة في المساجد بفنون موجودة في المساجد بفنون موجودة المتاحف بفنون موجودة في المقابر وجد نفسه محاصر ببيئة اجتماعية يعشقها وبيعيش جواها متفهمها .. متفهماه ، قبلها بكل عبلها قبلها بكل شعبيتها وأيضا هي قبلاه كعنصر مواطن عايش معاها مافيش غربة بينه وبينهم..
المذيعة: في إلتحام
أ.سعيد: في إلتحام في حب في تفهم ، وجدنا ان الموضوعات الي ابتدى يختارها عبد الوهاب مرسي في بداية الستينات موضوعات تميزت بالشعبية من حيث الموضوع، طيب الشعبية من حيث الموضوع هل معنى هذا أعبر عنها بأسلوب قد يخرجها عن شعبيتها وهنا بييجي دور اللغة التشكيلية التي تتعادل مع الحب الشعبي للموضوع الشعبي وجدنا إن عبد الوهاب مرسي استطاع من خلال الخط من خلال المساحة من خلال لون الي هو حسه في الفنون الإسلامية ، حسه في فنون المساجد، حسه في بعض أعمال الفنون التطبيقية وجدنا ان عبد الوهاب مرسي بيحترم الخط والمساحة واللون، بيحترم الوحدة الزخرفية الغير محددة المعالم لأنه هو بعيد كل البعد أن يرى اللغة التشكيلية مفسّرة الى الموضوع لكن هو بيحاول أن يضع اللغة التشكيلية كلغة جديدة بيبني من خلالها فن يسمى بالفن التشكيلي في هذه الفترة فترة الستينات عاش عبد الوهاب مرسي بكل حواسه وبكل اجتهاداته في الفنون التي نسميها فنون تقليدية موجودة في حياتنا الموروثة الفنون الفرعونية ، الفنون المصرية القديمة ، الفنون القبطية ، الفنون الإسلامية ، في ذاك الوقت كان نسبة كبيرة من الفنانين الشبان المصريين متجهين الى الغرب ، ولكن الغرب باعتبار انه لا توجد حواجز على الإطلاق في العمل الفني ولا في العمل الثقافي، طب متى يخلق الحاجز، يخلق الحاجز من ذات الفنان نفسه فعبد الوهاب مرسي كان عنده حاجز ماكانش عنده رفض الثقافة الغربية ولكن كان عنده رفض واضح الى أن يتأثر أو أن يقلد الثقافة الغربية لكن كان عنده حب و عشق الى أن معايشة الفنون المصرية القديمة، الفنون الإسلامية ، الفنون القبطية ، من أجل هذا بأجد أنا في تشكيلات ، في تكوينات ، في تصميم ودي ميزة أيضا بينفرد بها عبد الوهاب مرسي في أعماله التصويرية الي هو التصميم ، أجد في أعمال عبد الوهاب مرسي انها تعيش كلها مع بعضها أرضية الصورة أو الملامح الموجودة في الصورة بتشكل نسيج مترابط، المفهوم الغربي بتاع إن الصورة لها ثلاث مستويات ، مستوى أمامي ومستوى أوسط ومستوى خلفي ..هذه المستويات الثلاث بعيدة كل البعد عن عبد الوهاب مرسي لأن أمامه مستويات أخرى الي بنسميها مستويات تشكيلية كل ماهو موجود على مسطح الصورة في خلفية أو في أمامية الصورة متفاعل مع بعضه عشان يعبر عن موضوع ما ، هنا لما أقول يعبر عن موضوع ما ، معناه ان عبد الوهاب مرسي كان يحترم الموضوع ولكن لا علاقة له بالأسلوب التعبيري ويحترم الموضوع كمعنى ، يحترم الموضوع كإحساس ، يحترم الموضوع كحيوية ، يحترم الموضوع كحياة ، يحترم الموضوع كحركة ، هذا بالنسبة الى الموضوع، طيب كيف يترجم هذا الى شكل مرئي يعتمد على الخط وهذا له قيمة ، اللون وهذا أيضا له قيمة ، المساحة وهذه أيضا لها قيمة ، الملمس المختلف وهذا أيضا له قيمة ، الإيقاع الذي يؤلف ويوحد ويربط مابين قيمة الخط ، قيمة اللون ، قيمة المساحة ، قيمة المنظر ، قيمة الفراغ ، وهو دة الي بيحاول عبد الوهاب مرسي أن يؤكده في كل مرحلة من مراحله الثلاث الي أعقبت المرحلة الأولى ايام ماكان طالب في كلية الفنون الجميلة. عبد الوهاب مرسي جه فاجئنا في آخر المرحلة الأخيرة بتاعته دية الي بدأت من حوالي كذا سنة بأسلوب جديد وبخامة ليست جديدة ، الخامة هي الرمل وهو موجود في حياتنا نقدر نقول هل عبد الوهاب مرسي إفتعل عملية الرمل والا دة كان المفروض يبقى وضع طبيعي لإنسان مؤمن بالأرض ، مؤمن بتراب الأرض بيتأمل في الكون بيتأمل في كل مكونات الكون والرمل جزء من مكونات الكون وجد عبد الوهاب مرسي أن في هذه الخامة ومن هذه الخامة يستطيع أن يفعل شيئا جديدا ، حط قدامه معادلة وقال الآتي أنا مش عايز أبقى نحات من خلال الرمل مش عايز أعمل ريش بارز أو ريش غائر ، أنا مش عايز أبقى نحات وأعمل زي الأعمال الموجودة أو زي الي عملها الغير ، أنا عايز زي ما بمسك الفُرشة وبحط الألوان على مسطح الصورة بتاعتي عايز أملك الرمل وأتثره على مسطح الصورة وأعمل التشكيل بتاعي ، إذا هو إبتدأ يبص للخامة وابتدأ يشوف الإمكانية التي تعطيها له هذه الخامة ، وده أنا دايما أقول وأأكد وأنادي كل فنان أن يحترم الخامة التي يعمل بها ومعنى احترام الخامة أن يتفهم كل حدود وإمكانيات الخامة التي يعمل بها ، عبد الوهاب مرسي خد الرمل ، طيب الرمل بودرة ، إذا عليه أن يبحث عن مجموعة مواد أو مادة أخرى الي تديله الصلابة عندما يجف والصلابة ليست صلابة عابرة صلابة بحيث لو اتحدف من الدور العاشر يظل العمل سليم إذا هذا أيضاًُ نوع من التقنية التي كان عليه أن يبحث فيها وقد وُفّق ونجح ، إذا هو ..
المذيعة: يعني بجهوده الخاصة توصل ..
الأستاذ سعيد : بجهوده الخاصة إذا تغلب على حدود خامة الرمل ، بحث ووصل الى الخامة ، المواد السائلة الي حيذوّب فيها الرمل ، إذا يبقى عليه العمل الفني هنا تبصي العمل الفني الي عامله ،، غريب ، العناصر الموجودة اذ كان عنصر هندسي أو عنصر لا هندسي ، الموتيفات اذا كانت زخرفية أو غير زخرفية ، إذا كانت شعبية أوغير شعبية الي شفناها في التصوير هي بتعيد وجودها تاني في الرمل الي ابتدى يشتغل فيه عبدالوهاب ، طيب هل الخامة ما أثرتش ، خامة الرمل ما أثرتش على هذه الملامح ؟ أثرت الى حد ما لكن لم تمح شخصية عبد الوهاب مرسي في عمله وده الي بيخليني أقول ..
المذيعة : لم تطغى عليه ..
الأستاذ سعيد: لم تطغى عليه
المذيعة: متمكن منها
الأستاذ سعيد: متمكن منها وده الي بيخليني أقول بأن الثلاث مراحل تعبر عن عبد الوهاب مرسي بعد تخرجه من كلية الفنون ثلاث مراحل متصلة بتقوم على البحث وعلى السعي وعلى الإجتهاد وعلى الإبتكار وعلى إطغاء قيم موجودة نتيجة تأمل وبحث في البيئة المحيطة بعبدالوهاب دون أن يفتعل مذهب من المذاهب ، دون أن يفتعل إسلوب جديد ، دون أن يقول أنا فعلت كذا، إسألي عبدالوهاب انت عملت إيه ؟ قال بشتغل ! طب بتشتغل إيه عملت إيه ؟ بشتغل والله بجرب كذا ! عبد الوهاب في هذا التواضع الغريب أمام العمل الفني بيرى ان الفن ده عملاق كبير وكل شوية عمّال يتعرف على جزء منه ، جزء منه .. لم يقنع عبد الوهاب بأي مرحلة من المراحل الي وصل إليها لكنه يشعر بنوع من السعادة عندما ينتهي من عمل ، سعادة لاتوقفه عند هذا العمل ولكن سعادة تدفعه الى أن ينتقل الى عمل آخر. الأعمال الموجودة قدامنا دي وهي أعمال الرمل ، الغريب فيها اني بحس فيها بكل قيم المنظور الشرقي وكل قيم المنظور الغربي ، قِدر هنا عبدالوهاب يجمع مابين مفهومين مختلفين تماما بالنسبة للموضوع..
ويستعرضون اللوحات
المذيعة: بالرغم من ان حضرتك قلت انه كان بعيد عن المفهوم الغربي
الأستاذ سعيد: ده كان قافل نفسه تماما ، الغريب في الأمر انه تناول المنظور الغربي ، المنظور الغربي له مدخلين .. إما مدخل هندسي أو مدخل حسي ، عبدالوهاب مرسي خد من المنظور الغربي المدخل الحسي ، ماهو المنظور الشرقي ؟ المنظور الشرقي بيقوم على تسخير زوايا الرؤى المختلفة لخدمة العمل الفني معنى هذا انه خد من المنظور الغربي حسه به وخد من المنظور الشرقي الأساس بتاعه، أساس المنظور الشرقي هو كل زوايا الرؤيا في خدمة العمل الفني ، في الصورة الواحدة أو في العمل الواحد أستطيع أن أرى زاوية منظرية من فوق أو زاوية منظورية من تحت أو زاوية منظورية من الجنب أو زاوية منظورية من الأمام في العمل الفني الواحد ودي الرؤية الشرقية ، ودي الرؤية الشرقية الي أثرت على الفنان الغربي وخلته يحط بدايات ما سمي بالفن الحديث فنرى هذه الأعمال واضحة في أعمال بيكاسو وفي أعمال ماديس الغريب بقى في الأمر ان بعض الأعمال الي بنشوفها لعبد الوهاب مرسي وهي الأعمال الحديثة والمعاصرة لا تنقلني أبدا الى ماهو معاصر بالنسبة للغرب لكن تعيشني باستمرار في صرخة جديدة تستعيد معاه بعض القيم والملامح التشكيلية الموجودة في اللغة القديمة حتى بما فيها فنون الإنسان الأول ، لما نيجي نشوف فنون الإنسان الأول أو فنون مصر القديمة أو الفن الإسلامي بنبص ان كل هذه الفنون كانت تتعامل مع حضارات إما صغيرة أو حضارات كبيرة ، معناها لم تكن منسلخة أبدا عن واقع موجود، عبدالوهاب مرسي لم ينسلخ عن الواقع .. غاية ما في الأمر لايريد إطلاقا أن يربط نفسه بتيار آخر هو بعيد عنه وهيبقى مقلد فيه وهيبقى زائف فيه ولا يريد أيضا أن يسحق نفسه ويعيش في الماضي السحيق لكن بيرى في الفنون القديمة ما يمكن أن يثري ، مايمكن أن يشجع ، ما يمكن أن يثير الحاسة الفنية الموجودة عنده ،هنا في هذه الحالة بيرتقي عبدالوهاب مرسي الى حد ما باختلاف اللون مع الإختلاف الكبير الى الفنان المرحوم حامد ندا ، لأن حامد ندا كان خطيرا حطم كل التقاليد الغربية احترم التقاليد القديمة دون أن يتأثر تأثر مباشر بها ، هنا بيلتقوا الإثنين وإن كان الثروة اللونية الموجودة في أعمال عبدالوهاب مرسي بتعطيه حيوية ..
المذيعة: يعني هنا اللوحة نموذج للكلام الي بتقوله حضرتك بالنسبة للألوان
الأستاذ سعيد: يعني لما نيجي نشوف لوحة زي دية بحاول أربطها بفنانين غربيين قد أستعير جوجان الفنان جوجان لما راح تاهيتي وعمل لوحة زي دي لكن لايمكن إطلاقا أقول ان عبدالوهاب مرسي تأثر بجوجان لكن أنا أدورعلى جوجان تأثر بإيه ، جوجان تأثر بهذه الأعمال عندما زار تاهيتي إذا عبد الوهاب مرسي لما كان بيبحث في التراث الموجود بتاعي ، في الحياة الشعبية بتاعتنا كان بيبحث عن ما نسميه ببناء تشكيلي منفرد مستقل مش ببناء تشكيلي يترجم أحداث أو يترجم قصص زي الفن القصصي لا ،عبدالوهاب مرسي كان يحاول وما زال يحاول دايما أن يقيم معادلة متكافئة مابين قيم مكتوبة أو قيم معمارية وقيم تشكيلية ، قيم هو يبحث عن قيم ، الأشكال الي عمّال بنتفرج عليها دية اذا كانت النظرة الموجودة بيها بنلاقيها نظرة مصرية ، نظرة مصرية ، بعدين حنقول ايه دي نظرة مصرية قديمة ، طيب ماهي ممكن تكون نظرة مصرية حديثة ممكن نشوفها في البنت الفلاحة أذا هو عايش مع عناصر تسمى أجسام ولكن مع قيم أساسها عاشه وحبه في فنون موجودة في تراثنا موجودة في حياتنا وعاشت سنين طويلة آلاف السنين الي بنسميها فنون مصرية قديمة ، عبدالوهاب مرسي لو كان يقصد أن يعيد مجد الفن المصري القديم لكان أخطأ ولم يكن وصل الى هذا العمل لو كان عبد الوهاب مرسي كان يحاول أن يزيف العمل الحديث ببعض الملامح المصرية القديمة لم يكن يصل الى هذا العمل إطلاقاً إنما عبد الوهاب مرسي درس ما وراء الخطوط ماوراء التلخيص ، ما وراء التبسيط ماوراء القوة الموجودة في المساحة أو في الخط أو في اللون الموجود في مصر القديمة وحاول قدر الإمكان أن يتشبع به ليعطي شيئ معادل شيئ قريب شيئ نابع من ذاته نابع من ذاته هو..
المذيعة : دي أعتقد ميزة الفنان الموهوب فعلا الي بيمتلك موهبة كبيرة أنه يبقى له خصوصيته.
الأستاذ سعيد : خصوصية عبدالوهاب مرسي حقيقي كان ممكن تبقى خصوصية سهلة لو اته الى الإمتاع الجمالي لكن خصوصية عبد الوهاب مرسي خلته يعيش في نوع آخر من الإمتاع ، إمتاع ذهني ممكن نسميه إمتاع فلسفي ممكن نسميه إمتاع تاريخي ممكن نسميه خد المشكلة المركبة عشان يقدر يطلّع منها عمل مركب لم يلجأ الى الجانب السهل البسيط الذي نسميه بالإمتاع الجمالي الإمتاع المقبول للجميع دة إمتاع ممكن أن يكون مقبول للجميع بس بيحتاج مننا جهد عشان نتعرف على طبيعة هذا الشيئ ودة سمة العمل الجاد وبيحتاج من المتفرج جهد لتقبله مش يمر عليه يقوله سلام عليكم لأ .. أعمال عبدالوهاب مرسي تتطلب من المتفرج أن يتأملها أن يرى ما وراء كل لون أن يرى هذا التوزيع الموجود كيف وصل إليه، وصل اليه إزاي عمله منين ما جابوش من فراغ لكن لم يستعيره من حضارة ، أستلهمه عاش فيه عاش في قيمة قدر يطلّع فيها حاجة ، لما نيجي نشوف الألوان الموجودة هنا بالدسامة الي فيها بالكثافة الي فيها بالقوة الي فيها ، أنا ما نيش شايف ملامح العناصر قدامي على الإطلاق لكن شايف قدامي كتلة موجودة فيها مجموعة من الأشكال ، فيها مجموعة من الألوان بتطلب مني أن أرى ما أراه أنا بقى مش ما يفرضه علي كمان عبد الوهاب مرسي لأ هو بيعمل عمله طلّعه من ذاته ويقولك انت شوفه كما تشاء ودة من حتة تصوير موجودة هنا ، أنا أشوفها كلوحة ، أشوفها أيضا كسجادة ، أشوفها كحتة كليم ، أشوفها كأي شيئ لأن ما يجذبني فيها هو أشكال مجردة بتعيش في علاقات لونية متماسكة.
المذيعة: في ثراء بالرؤية المتاحة للمشاهد.
الأستاذ سعيد: في ثراء في الرؤية بالنسبة للمشاهد من خلال المساحة من خلال اللون عبد الوهاب مرسي ألوانه قليلة جدا في كل أعماله لكن ألوانه غنية جدا جدا في كل أعماله، لأنه استطاع بالألوان الباردة والألوان السخنة الألوان طبقات الألوان استطاع أن يقوي ما يسمى بالتجانس اليومي المتكامل أدي الأخضر مع الأحمر ويخدم الإثنين شوية البرتقالي الموجودين أدي الي في اللوحة كلها ومع هذا هناك ثراء لوني موجود الشكل عايش جوة الثراء اللوني مش فارض نفسه على الثراء اللوني لأ الشكل جزء من الثراء اللوني والنتيجة الربط الفني المتكامل ما بين العناصر التي تحمي الموضوع والعناصر المكملة للموضوع ، العناصر التي تحمي الموضوع مع العناصر التي تكمل الموضوع على اللوحة لابد أن تتساوى وأن تتعادل وأن تكون إيقاع فني واحد في العمل الواحد ودة بنقول عمل فني جاد .
المذيعة: بالنسبة حنرجع للمرحلة الأخيرة المرحلة الرملية..
الأستاذ سعيد : أيوة
المذيعة : حضرتك واضح من رأيك ان هو أجاد الفنان عبد الوهاب مرسي التعامل مع هذه المادة ، لكن عايزة أسأل هل المادة دي فرضت موضوعات معينة على عبد الوهاب مرسي ؟
الأستاذ سعيد: الغريب في الأمر إن عبد الوهاب مرسي لما قلت تفهم الخامة أنا بمسك حتة طينة في إيدي بمسك حتة خشبة في إيدي بمسك ورقة في ايدي بحسها في إيدي بشوف ايه الي ممكن تعمله على طول الخيال بيعمل شط، الخيال بيعمل شط من خلال مسك الخامة الملمس بالخامة.
المذيعة: يعني المادة بحد ذاتها موحية
الأستاذ سعيد: المادة بحد ذاتها موحية لأنها وهي على الأرض أوحت إلي بقيمتها ، لما أمسكها أوحت إلي ......... الأعمال الرملية التي عملها عبد الوهاب بفهمه للخامة وصدق تعامله معها دون افتعال دون أن يفرض نفسه عليها ودون أن تفرض هي نفسها عليه أنا بقول وبكل صدق بنادي المسئولين وغير المسئولين ان مثل هذه الأعمال الرملية الملونة الي عملها عبد الوهاب مرسي هي أنسب وأصلح الأعمال لتجميل المباني التي تقوم بها الدولة في شكل مؤسسات أو مدارس ...
المذيعة : ياريت ، دي فكرة رائعة...
الأستاذ سعيد: لأنها من حيث الشكل ، من حيث اللون ، من حيث أسلوب التنفيذ من حيث مقاومتها للأمطار مقاومتها للشمس ، مقاومتها للرياح ، أعمال خالدة.
المذيعة: طب مين ممكن يبقى مسئول عن تنفيذ هذه الفكرة أستاذ سعيد؟ يعني حضرتك بتطرحها على أساس ان النداء متوجه ليهم مين؟
الأستاذ سعيد: والله لكل مسئول برجو انهم يشوفوا هذه التجربة ويشوفوا هذه الأعمال ويحطوها كدة يدبسوها بمسامير على بعض الجدران وأنا متأكد مية في المية أن مثل هذه الأعمال تعيش مع المباني الحديثة بشكل قوي جدا عما تعيش مع المباني ذات طراز الي بنسميها مباني قديمة لأن عبد الوهاب مرسي متحرر فيها من كل ما يربطه بفن نسميه فن تقليدي ، هي محررة، محررة من الموضوع هو بيتعامل مع موتيفات بيتعامل مع مجموعة أفكار بيتعامل مع سمكة بيتعامل مع بيت بيتعامل مع حتة من شباك بيتعامل مع حتة من صندوق العروسة بيتعامل مع نص أب بيتعامل مع كلمات تشكيلية تستطيع أن تعيش على أي فراغ موجود وعامل تجربة لطيفة في اللوحات الرملية بتاعته ، حاططلها برواز رفيع بتاع سم بلون وسم بلون من الناحية التانيةعشان يشوف هذا العمل فيما لو كان في بلكونات على اليمين أو بلكونات على الشمال هل ممكن يعيش أو ما يعيش أنا متصور .. ولم أناقش هذه النقطة معاه على الإطلاق أنا متصور أن مثل هذه الأعمال تعيش في هدوء وفي تجانس وتجمل دون أن نلجأ الى ... يعني مش متصور واجهة أرى ان كلها سيراميك ، السيراميك له حدود عامل حتة صغيرة منه ، لكن مثل هذه الأعمال ، عبدالوهاب مرسي في أعمال الرمل وُفّق تماما في أن يبرز بالنحت بتاعه أو بالتشكيل بتاعه حدود صمتي أو صمت بنصب كتيرة دة من حيث تشكيل الرمل لكن عبد الوهاب مرسي أضاف قيمة غريبة جدا وهي قيمة اللون الى هذه الأعمال حط الألوان الشفافة ، الغنية، الجميلة التي لاتشعر الإنسان بأنها طمست قيمة النحت أو قيمة الحفر حافظ على قيمته والألوان فيها شفافية الألوان الغريبة ألوان ماهية شفافة على جسم رملي عالي وواطي ومع ذلك عاشت معاه من أجل هذا أنا بقول هذا الهدوء وهذه القوة وهذا العلو والإنخفاض البسيط في أعمال عبد الوهاب مرسي تستطيع أن تتجانس وأن تتعايش مع أي واجهة معمارية مع أي قطعة معمارية في مباني مؤسسات الدولة كلها.
المذيعة: هل .. نشكرك أستاذ سعيد وأعتقد وقت البرنامج إنتهى رغم انه في مجال كبير للحديث عن هذا الفنان المبدع عبد الوهاب مرسي بنشكرك جدا على هذا اللقاء وبنشكركم سيداتي سادتي ونلتقي في الأسبوع القادم من برنامج جولة الفنون.

الأستاذ سعيد خطاب
الدكتور/ مصطفى كمال يحلل أعمال الفنان عبد الوهاب مرسي في لقاء تليفزيوني (نقطة تحول)

المذيعة: أستاذ عبد الوهاب مرسي تخرج من كلية الفنون الجميلة عام 1958 وحصل على دبلوم كلية التربية الفنية للمعلمين عام 1959 حصل على منحة تفرغ في عام 1962 منذ بدايته شارك في العديد من البيناليات والمعارض الدولية في مختلف أنحاء العالم مثلا شارك في بينالي الإسكندرية في أعوام 1957، 1959 ، 1961، 1967 ، 1970 و 1994. شارك في بينالي فينيسيا عام 1968 وعام 1975 بالإضافة الى بيناليات أخرى عديدة في مختلف دول العالم مثل اليابان والنمسا وألمانيا وفنلندة وفرنسا وتشيلي والمكسيك وغيرها من الدول. عبد الوهاب مرسي أقام معرضه الخاص الأول عام1961 في متحف الفن الحديث وتلاه معارض عديدة في أنحاء مختلفة من مصر وفي الخارج، حصل خلال حياته الفنية على جوائز عديدة منها جائزة الفنون في الإسكندرية عام 1959 وحصل على جائزة صالون القاهرة في أعوام 1963 و 1965 و 1967 . حصل على جائزة من بينالي الإسكندرية عام 1970 والجائزة الثانية للبينالي الدولي الثالث في برشلونة عام 1971 . له مقتنيات طبعا في متحف الفن الحديث في القاهرة وفي متحف الإسكندرية ومتحف بور سعيد ومتحف برشلونة وجاء ذكر عبد الوهاب مرسي في عدة موسوعات عالمية منها موسوعة روبير الفرنسية لاروس وموسوعة كامبريج وأيضاً موسوعة أتاف العالمية في ميلانو بالإضافة الى الموسوعة العربية بالإضافة الى مقتنياته في المتاحف والمؤسسات العامة في مصر وفي الخارج له مقتنيات لدى الأفراد في مختلف أنحاء العالم .
استعراض للوحات الفنان عبد الوهاب مرسي
المذيعة: ويسعدنا الآن أن نلتقي بالفنان المعروف د. مصطفى كمال الأستاذ في كلية الفنون التطبيقية.
د. كمال بدايةً نشكرك على هذا اللقاء وأنا الحقيقة كان نفسي إن الأستاذ عبد الوهاب يبقى معانا لكن هو له وجهة نظر ومتمسك بيها جدا بيقول إن الفنان له عمله الي يقدمه وقالي لو أنا جيت تكلمت عن شغلي هبقى منحاز لنفسي فأنا عايز حد يتكلم عني بحيادية كاملة بهذه المناسبة أيضاً النهاردة عيد ميلاد عبد الوهاب مرسي 23 فبراير مش عارفة البرنامج طبعاً حيتذاع إمتى لكن بهذه المناسبة بنتقدم له بتهنئة كل سنة وهو طيب ومزيد من الإبداع الفني في سنوات كثيرة قادمة. عبد الوهاب مرسي من الفنانين الي نقدر نقول انه لهم إنتماء واضح جدا وسمة شديدة التفرد للحضارة الفرعونية ، بيُجمع النقاد على إن عمله في بداية عمله بعد تخرجه عام 1958 في قسم رسم الآثار في مصلحة الآثار كان له أثر كبير جدا في إرتباطه بهذا التراث وعشقه له والسير في هذا الطريق طوال مشواره، حسين بيكاربيقول ان عبد الوهاب مرسي اختار أن يكون مصرياً حتى النخاع.نبتدي بأعماله عندنا هنا لوحة منذ عام 1957 في عدة لوحات في لوحة تانية يمكن من 1959 في لوحة من 1960 وفي مجموعة لوحات من الستينيات أعتقد ، في أيضاً من التسعينيات مجموعة أعمال لكن زي ما قال هو انه المعرض لا يمثل هذا التاريخ خصوصا اذا قلنا دي الوقت له في مجال الإبداع 41 سنة، نبتدي من البدايات لو ابتدينا من لوحته البهلوان الماشي على السلك المشدود دي عام 1957، واضح انها بتنبيء عن موهبة كبيرة بتثبت وجودها.
د. مصطفى كمال : شوفي حضرتك هو أنا أولا أؤيد وجهة نظر عبد الوهاب مرسي في أن أعماله تتحدث عن فنه بشكل واضح جدا وأنا بحترم هذه الرؤيا جيداً ، ثانياً النقاد قالوا الكثير عن أعمال عبد الوهاب مرسي ولكن في تصوري لايكفي ما قيل لأنه فنان مصري أصيل عاش في قلب مصر وارتوى بماء مصر وترجم مراحل نموه على أسطح اللوحات الفنية في أعمال تتسم في الحقيقة بالأصالة الشديدة جدا وبالجدية، أعمال عبد الوهاب مرسي الي احنا شايفينها النهاردة الموجودة الحقيقة زي ما حضرتك تفضلت في أعمال من سنة 1957 وأنا بقول ان فيها نضج عالي جدا ، يعني الأعمال الي انا شايفها ليست مجرد أعمال تنبيء عن مولد موهبة وإنما هي أكترمن كدة بكتيرهي فيها نضج فني في حسابات اللون ، في التركيبة البنائية للعمل الفني وأيضا في التناغم الشديد الحساسية بين عناصر الشكل ، عبد الوهاب مرسي الحقيقة لوانا قلت أقسم أعماله الموجودة النهاردة في هذا المعرض هي في تصوري ثلاث مجموعات ، مجموعة أعمال تصويرية بحتة أُنتجت في أواخر الخمسينيات وأوائل استينيات أو في خلال الستينيات ودي بتغلب عليها الألوان الحيادية والتمكن الشديد من ربط عناصر الشكل من خلال بناء هندسي ولكنه غير محدد وغير واضح ويمكن النهاردة طلاب الفن في المدارس الحديثة بيدرسوا حاجة في الفن اسمها البناء الشبكي أو الشبكية في التصميم ، عبد الوهاب مرسي كان دون أن يحدد هذا من خلال النظرية ولكن أعماله فيها هذا البناء الشبكي وبربط نقدرنقول ربط هندسي محسوس وليس مرسوم ومحدد كل أعماله في هذا البناء استمد من شكل الإنسان المصري القديم عناصر وتركيبات هامة جداً أنا بعتبرها وثيقة لتاريخ الفن المصري المعاصر بعتبر كمان درجات اللون التي استخدمها بفطنة وبذكاء وبحساسية مرهفة من خلال أعمال فيها الإنسان وفيها أيضا البيئة وفيها أيضا الموتيفة ، الموتيفة الشعبية حنلاقيها في بعض أعمال كثيرة، دة لو قلنا الجانب الأول من هذه المعروضات ، الجانب الثاني أو القسم الثاني مجموعة من الأعمال التي استخدم فيها فن الحفر قام بحفرتركيبات فنية مبنية في أغلبها على الموتيفة الشعبية مع الإنسان المصري في مراحل متعددة وفي مجالات وبيئات متعددة ولكن هو ما عملهاش أعمال حفر بالمعنى التقليدي لفن الحفر ولكن هو استخدم تقنية الحفر ثم تحرر منها تماماً وسجلها على سطح اللوحة بلمساته وبإضافاته وبتوقيعه في هذه الحالة أعتبر العمل عمل أصلي عمل أوريجينال وليس عمل مستنسخ مكرر.
المذيعة: على أساس الحفر بيبقى فيه منه عدة نسخ بيكررها الفنان
د.مصطفى : آه هو فن الحفر بمعناه أو بمفهومه التقليدي أو مفهومه الواسع الفنان بيحفر العمل وبيستنسخ منه عدة نسخ وبيرقمها على مسئوليته وبنظام معترف به وموثق. هو الحقيقة هنا الفنان عبد الوهاب مرسي قدم أعماله بعد ما قام بحفر قوالب الطباعية ، عالجها بأسلوبه الخاص واستنسخ نسخ وحيدة من خلال خلفيات كان بيعالجها بأسلوبه وبذاتيته وبحسابات خاصة به منفرد بها تماماً ويقدم هذه الأعمال بصفتها أعمال أصلية ، أوريجينال وحدة واحدة وليست أعمال مكررة.
المذيعة : دة بيديها قيمة أعلى والا..
د. مصطفى : طبعاً دة بيديها قيمة متميزة ، قيمة متفردة ،هو هنا مزج بين تقنية الغرافيك وبين منهجية المصور العادي ، دي طبعا بتديله سمة وتديله طابع خاص بأعماله ، بيغلب على هذه المجموعة التانية دي بيغلب عليها الألوان الداكنة الوقورة جدا الحيادية جدا ثم ننتقل الى المجموعة الثالثة فنجد الثورة الشديدة في اللون ، الثراء اللوني الشديد ، الإيقاع العالي في علاقة الألوان وعلاقة الجزئيات التميز الشديد في توزيع اللون وفي حسابات هندسية واضحة هذه المرة ولكن لا تؤثر أو لا تسبب على العمل الفني أي نوع من الجمود أو أي نوع من الملل ، نغم صاخب ألوان قوية ، تباين شديد في أحيان كثيرة ثم انسجام وهارموني عالي جداً بين جزيئات اللوحة وبين ألوانها ولكن فيها صدى العصر ، فيها صدى الزمن الذي نعيشه وفي الحقيقة انا ناقشت الفنان عبد الوهاب مرسي في هذه المرحلة وقالي:"هو انت مش حاسس ان دة إيقاع العصر الي احنا عايشينه ؟" قلتله " حاسس". قالي " يعني حاسس بأعمالي؟" قلتله " طبعا حاسس بس أنا أردت ان استوضح منك نقطة معينة لأنك انتقلت الى جزئية فيها حس صاخب جدا وانت في قمة نضجك يمكن احنا متعودين نشوف الفنان في شبابه بيبقى صاخب ولما بيكبر بيبقى إيقاعه أهدأ هنا أنا شايف الإتجاه عكسي" فقالي :"أنا ماشي مع الحياة بنبضها ومالهاش علاقة بتطور إنتاجي". دة جانب مهم جدا طبعا في شخصية الفنان ودي حقيقة يجب أن يلم بها جمهور الفنان يجب أن يكون ملما بهذه المعلومة ويجب أن تناقش أيضاً هذه الحقيقة، إنما هو بشكل عام الحقيقة أعماله التي تمت في التسعينيات دي خلال مثلا خلينا نقول العشر سنين الأخيرة ، موسيقى صاخبة جداً ، الموتيفة الشعبية غالبة عليها ، الحياة المصرية محطوطة من خلال بناء هندسي وتكوين رصين ، النغم و الملامس ، يمكن الأعمال القديمة الملمس فيها ناعم ، الأعمال الحديثة الملمس فيها متفجر فيه من التأثير النفسي الذي يؤثر تأثير مباشر على الجهاز العصبي للمشاهد ، مشاهد العمل الفني ، ودي طبعاً حالة من الحالات الفنية التي تنبيء عن طبيعة هذا الفنان ، فنان غير خامل ، فنان نشط جداً ، حي جداً في أعماله، ينفعل بما حوله ويسجل بعفوية شديدة جداً. طبعا احنا عارفين إن الفنان عبد الوهاب مرسي كان يشغل لفترة طويلة جداً منصب قيادي في قطاع الفنون في وزارة الثقافة ويمكن دة خلاه عاش مع الحركة الفنية بشكل مباشر إنما إحنا ما شفنالوش ، ما هواش من النوع الي بيعمل معارض كل سنة ، مقل في فترات العرض أو في معارضه يعني على فترات بعيدة بالرغم من أنه شارك في الحركة الفنية بشكل متصل ورغم انه مثل مصر في تظاهرات فنية عالمية ، إلا أن برضه المشاهد المصري العادي أومتذوقي الفن في مصر كانوا متعشطين لمشاهدة أعماله نمرة اثنين يمكن برضه بطبيعة عمله كان ناقدا لفنه يعني هو فنان وناقدا لفنه ، يعني بيبص لأعماله عشان كدة لو بصينا لعملين جنب بعض في مرحلة واحدة نجد أن الموتيفة التي استخدمها يعني نجد انه رسم مثلا الحيوان في عمل واحد ، نجد الطائر والحصان أوالحمار مثلاً ونجد أيضا الحيوانات الزاحفة في عمل واحد وفي شكل إسطوري ومن خلال ألوان قليلة غير متعددة ولكن بتلخيص ذكي جداً وبفطنة وبمقدرة عالية على التعبير ، نجد في اعماله ، في نفس الفترة تقريباً أو خلال سنتين فرق زمني الحس الفرعوني بالألوان الداكنة التراثية ، الوقار الشديد ، التنغيم الهاديء جدا ما فيش صخب خالص مافيش تموجات عالية وواطية إنما بالرغم من كدة الحياة موجودة في العمل الفني من خلال حركة العنصر الإنساني. كان دايما بيمزج بين الإنسان ومعه كائن آخر، إنسان ومعاه سمكة ، إنسان ومعاه طائر، إنسان ومعاه .. أو في علاقة تشكيلية مع حيوان أو مع نبات وهكذا ، كان دايما هذا موجود الحقيقة ودة طبعا بيرمز لمفهوم الحياة في رؤية الفنان.
المذيعة: في مقالة للفنان حسين بيكار عن أعمال الفنان عبدالوهاب مرسي بيتكلم عن المراحل المختلفة الي مر بيها الفنان بيقول ان كانت دايما انتقالاته رحلة شديدة الإتزان ومتأنية وشديدة الجدية زي ما قلت حضرتك وكان المنبع الأساسي له أو القرار الأول لإتخاذه للإنتماء للجذور ، أيضاً قدر يعمل يعني يحدث بين المعادلة الصعبة بين أن تنتمي لجذورك وتواكب العصر. استخدم، يعني له استخدامات فرعونية كثيرة ، مثلا وتأثره بالتراث الفرعوني واضح جدا لكن رغم كدة ، مافيش ، بيبعد عنه شبهة التقليد في إبداعه الخاص وسمته الخاصة ، دة معناه ان ده شيء ممكن انه يبقالنا أصالتنا وبنفس الوقت مواكبين للعصر.
د. مصطفى : شوفي حضرتك هو كلام الأستاذ بيكار مضبوط تماماً ، كلام يعني مبني على أساس حقيقي واضح، إنما أنا لي رؤية معينة حقولها على مسئوليتي الفنان عبد الوهاب مرسي فنان مصري نكاد نراه فرعوني ، حتى ملامحه قوامه لونه شكله نِسبه ، تركيبته البنائية هو كإنسان يعني فيه البعد شكله فرعوني شكله انسان مصري أصيل فرعوني، وأعماله الفنية فيها في أغلبها الإنسان المصري الفرعوني بس هو بيعالجها من خلال وعي الفنان ومن خلال ثقافته الفنية ومن خلال دراسته للتاريخ وأيضاً من خلال طبيعة ممارسته اليومية لحياته كفنان محترف في متاحف مصر وفي بيوت الفن في مصر. أعماله في جزء كبير منها زي ما قلت لحضرتك أقدر أُجزم انها كلها قائمة على بناء هندسي ، بعضها بناء هندسي واضح وبعضها بناء هندسي محسوس ، في أعمل له نجد انه استخدم الإنسان من خلال تقسيمة هندسية ، حلل جسم الإنسان الى مساحات شبه هندسية وفي تركيبة فريدة جدا، نلاقي الشخص واقف أفقيا ثم واقف ومنحني بشكل مثلث ثم ممدد أفقيا أو رأسيا أو العكس صحيح ثم في علاقة تركيبات فريدة جداً وبعدين إنسان نصفه الأسفل مثلث في شكل الثوب الي هو لابسه ويمسك في يده حبل عامل منحنى في علاقة حميمة جدا وعلاقة فيها حنان بين شكل المثلث الحاد وبين شكل الحبل اللين، في الأصابع تجدي الأصابع عبارة عن مثلثات منفردة ممتدة من الكف ، تركيبات هو بيقصد بيها أو بيعبر بيها عن مفهومه هو عن الموقف الدرامي الذي يرسمه داخل جدران اللوحة أو داخل حدود اللوحة من خلال قصة هو شايف انها أسطورة بس حقيقة، دي فلسفة فنان ، ودي أيضاً وثيقة يعني نوع من التوثيق لتاريخ بلد تراثه ممتد إمتداد طويل جداً في عمق التاريخ وأيضاً فيها أقدر أقول بمتهى البساطة وضوح شديد جداً وصراحة شديدة جداً في إنسان مصري فرعوني بملامحه بتاريخه بإحترافه للعمل لأنه عاش حياته في ظل فن فرعوني ، صراحة شديدة جداً بيحكي قصة حياة بلده من خلال أعماله.
المذيعة: الحقيقة بالنسبة للفنان عبد الوهاب مرسي يعني أنا كان لي الشرف اني أتعرف عليه حتى قبل ما أشتغل في التلفزيون في مرسمه الي في المسافرخانة، كان دايما قاعد في المرسم زي ما يكون المرسم دة هو ملاذه وهو صومعته وبعدين حتى لما بيقابل الواحد شخصياً بتلاقيه متسرع يعني عايز يمشي بسرعة لأنه.. بعدين لما بيتكلم بيتكلم عن الفن ، بتحس ان وجوده سبب وجوده الأساسي هو هذا الفن، بالورقة الي بتقدم عبد الوهاب مرسي رؤوس أقلام ، أحيانا بنقرأ أوراق بنحس انه مبالغ فيها لدرجة لا تصدق، بإيجاز شديد جداً برضه في تواضع الفنان حاطط رؤوس أقلام كدة عن حياته لكن أنا أخذت منه مجموعة من المقالات عشان أقراها وأحضر للحلقة ، الحقيقة انه فنان زي دة بيحتاج لدراسة كبيرة جدا أنا مش عارفة هل في كتاب عن عبد الوهاب مرسي هل في فيلم تسجيلي عن هذا الفنان الكبير المتفرد الي قطع خلال عشرات السنين واحد وأربعين سنة دي الوقتي من وقت تخرجه في رحلة إبداعية شديدة التميز وشديدة التفرد.
د. مصطفى : هو طبعا كلام مضبوط واذا أخدنا فعلا أسلوب الفنان عبد الوهاب مرسي في التحدث أو في تقديم أعماله أو.. هو بيرفض دة تقريباً ويمكن في حواري معاه لما زرت المعرض بيقولي أنا شغلي بيقول عبد الوهاب مرسي على المتلقي أو المشاهد أن يتذوق ما يراه ويقتنع بما يراه ويرفض ما لا يريده هو دة هي دي فلسفته. فيما يتعلق بجزئية أفلام تسجيلية أنا بعتقد ان هناك قصور شديد جداً في .. حتى لو في فيلم اتعمل دة لا يكفي وأعتقد أن حان الوقت للقيام بتوثيق لأن في إمكانيات عالية دي الوقتي.
المذيعة: بعدين في مرحلة هامة جداً إحنا لم نتطرق ليها مرحلة الرمل الي خد جايزة عن أحد أ عماله في برشلونة في إسبانيا في البينالي هناك.
د.مصطفى : أنا ما تكلمتش عن الخامة أنا تكلمت عن المردود البصري الي على اللوحة يعني بس طبعاً هي مرحلة هامة والحقيقة معالجاته كلها فيها إنفراد وفيها إبتكار لأساليب تقنية هو بيجهزها لنفسه يعني ما بينقلهاش عن حد هو بيبتكرها لنفسه ودي سمة الفنان الحقيقة، إنما أنا برضه عايز أقول ان هو فنان يتحدث من خلال أعماله ولا يتحدث من خلال مؤتمرات أو ندوات أو أو الى آخره.. يبقى إذا يجب على الجهات التي تهتم بتوثيق الفن وتسجيل التراث أن تسارع الى عقد مثل هذه .. أو تسجيل مثل هذه الأعمال ومحاولة تسجيل وجهات نظره منه شخصياً أو من خلال يا إما مباشرة أو من خلال كتابات يقدمها أو من خلال محللين يقوموا بتحليل هذه الأعمال أعتقد ان حان الوقت لمثل هؤلاء الفنانين الكبار الي بنعتبرهم رواد في مرحلة خطيرة جداً من تاريخ مصر.
المذيعة : د. مصطفى إحنا بنشكرك جزيل الشكرعلى هذا اللقاء وهذا التحليل ونتمنى أن يتنبه القائمون على المجالات الخاصة بالفن التشكيلي كالمركز القومي للأفلام التسجيلية مثلاً أو الأفلام التسجيلية في التلفزيون الى هذا الفنان الكيير الجدير بالإهتمام الذي يستحقه ونشكركم سيداتي سادتي ونلتقي في الأسبوع القادم من حلقة جديدة من برنامج فن وإبداع.